وَحِينَئِذٍ فَالْمُرْسَلُ (ذُو أَقْوَالِ) الثَّالِثُ أَوْسَعُهَا، وَالثَّانِي أَضْيَقُهَا (وَالْأَوَّلُ الْأَكْثَرُ فِي اسْتِعْمَالِ) أَهْلِ الْحَدِيثِ ; كَمَا قَالَهُ الْخَطِيبُ، وَعِبَارَتُهُ عَقِبَ حِكَايَةِ الثَّالِثِ مِنْ كِفَايَتِهِ إِلَّا أَنَّ أَكْثَرَ مَا يُوصَفُ بِالْإِرْسَالِ مِنْ حَيْثُ الِاسْتِعْمَالِ مَا رَوَاهُ التَّابِعِيُّ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَمَّا مَا رَوَاهُ تَابِعُ التَّابِعِيِّ فَيُسَمُّونَهُ الْمُعْضَلَ.
بَلْ صَرَّحَ الْحَاكِمُ فِي عُلُومِهِ بِأَنَّ مَشَايِخَ الْحَدِيثِ لَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَرْوِيهِ الْمُحَدِّثُ بِأَسَانِيدَ مُتَّصِلَةٍ إِلَى التَّابِعِيِّ، ثُمَّ يَقُولُ التَّابِعِيُّ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَوَافَقَهُ غَيْرُهُ عَلَى حِكَايَةِ الِاتِّفَاقِ.
[الِاحْتِجَاجِ بِالْمُرْسَلِ]
[الْخِلَافُ فِي الِاحْتِجَاجِ بِالْمُرْسَلِ] (وَاحْتَجَّ) الْإِمَامُ (مَالِكٌ) هُوَ ابْنُ أَنَسٍ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ وَ (كَذَا) الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ (النُّعْمَانُ) بْنُ ثَابِتٍ (وَتَابِعُوهُمَا) الْمُقَلِّدُونَ لَهُمَا، وَالْمُرَادُ الْجُمْهُورُ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ، بَلْ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ، وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ حَكَاهَا النَّوَوِيُّ وَابْنُ الْقَيِّمِ وَابْنُ كَثِيرٍ وَغَيْرُهُمْ (بِهِ) أَيْ: بِالْمُرْسَلِ (وَدَانُوا) بِمَضْمُونِهِ، أَيْ: جَعَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا هُوَ عِنْدَهُ مُرْسَلٌ دِينًا يَدِينُ بِهِ فِي الْأَحْكَامِ وَغَيْرِهَا، وَحَكَاهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ كَثِيرِينَ مِنَ الْفُقَهَاءِ أَوْ أَكْثَرِهِمْ، قَالَ: وَنَقَلَهُ الْغَزَالِيُّ عَنِ الْجَمَاهِيرِ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي رِسَالَتِهِ: وَأَمَّا الْمَرَاسِيلُ فَقَدْ كَانَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ يَحْتَجُّونَ بِهَا فِيمَا مَضَى، مِثْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَمَالِكٍ، وَتَابَعَهُ عَلَيْهِ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. انْتَهَى.
وَكَانَ مَنْ لَمْ يَذْكُرْ أَحْمَدَ فِي هَذَا الْفَرِيقِ رَأَى مَا فِي الرِّسَالَةِ أَقْوَى، مَعَ مُلَاحَظَةِ صَنِيعِهِ فِي الْعِلَلِ، كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا، وَكَوْنِهِ يَعْمَلُ بِالضَّعِيفِ الَّذِي يَنْدَرِجُ فِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute