مَنْ بَعْدُ ; لِنَقْلِ غَيْرِهِ الْقَوْلَ بِهِ، وَأَشَارَ لِمَا تَقَدَّمَ.
وَمِمَّنْ حَكَى الْإِجْمَاعَ أَيْضًا النَّوَوِيُّ، وَقَالَ: الْقَوْلُ بِالْقَتْلِ قَوْلٌ بَاطِلٌ مُخَالِفٌ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَالْحَدِيثُ الْوَارِدُ فِيهِ مَنْسُوخٌ ; إِمَّا بِحَدِيثِ: ( «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ» ) . وَإِمَّا بِأَنَّ الْإِجْمَاعَ دَلَّ عَلَى نَسْخِهِ. انْتَهَى.
هَذَا كُلُّهُ مَعَ وُرُودِ نَاسِخٍ مِنْ حَدِيثَيْ جَابِرٍ وَقَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ، بِحَيْثُ عَمِلَ بِمَضْمُونِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَلَكِنْ لَيْسَ هَذَا مَحَلَّ الْإِطَالَةِ بِهَا.
قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَمِنْ مِثْلِ مَعْرِفَةِ النَّسْخِ بِالْإِجْمَاعِ الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِوَهْبِ بْنِ زَمْعَةَ وَرَجُلٍ آخَرَ: ( «إِنَّ هَذَا يَوْمٌ رُخِّصَ لَكُمْ إِذَا أَنْتُمْ رَمَيْتُمُ الْجَمْرَةَ أَنْ تَحِلُّوا مِنْ كُلِّ مَا حُرِمْتُمْ مِنْهُ إِلَّا النِّسَاءَ، فَإِذَا أَمْسَيْتُمْ قَبْلَ أَنْ تَطُوفُوا هَذَا الْبَيْتَ صِرْتُمْ حُرُمًا كَهَيْئَتِكُمْ قَبْلَ أَنْ تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطُوفُوا بِهِ» ) . وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، لَكِنَّهُ صَرَّحَ بِالتَّحْدِيثِ.
فَهَذَا مِمَّا أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى تَرْكِ الْعَمَلِ بِهِ وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ، عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ أَبَا بَكْرٍ الصَّيْرَفِيَّ شَارِحَ (الرِّسَالَةِ) لَمْ يَجْعَلِ الْإِجْمَاعَ دَلِيلًا عَلَى تَعَيُّنِ الْمَصِيرِ لِلنَّسْخِ، بَلْ جَعَلَهُ مُتَرَدِّدًا بَيْنَ النَّسْخِ وَالْغَلَطِ ; فَإِنَّهُ قَالَ فِي كِتَابِهِ (الدَّلَائِلِ) : فَإِنْ أُجْمِعَ عَلَى إِبْطَالِ حُكْمِ أَحَدِهِمَا فَهُوَ مَنْسُوخٌ أَوْ غَلَطٌ - يَعْنِي مِنْ بَعْضِ رُوَاتِهِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ - وَالْآخَرُ ثَابِتٌ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَمَا قَالَهُ مُحْتَمَلٌ.
[التَّصْحِيفُ]
[الْكُتُبُ الْمُهِمَّةُ فِي هَذَا الْفَنِّ]
التَّصْحِيفُ
٧٧٢ - وَالْعَسْكَرِي وَالدَّارَقُطْنِي صَنَّفَا ... فِيمَا لَهُ بَعْضُ الرُّوَاةِ صَحَّفَا
٧٧٣ - فِي الْمَتْنِ كَالصُّولِيِّ سِتًّا غَيَّرْ ... شَيْئًا أَوِ الْإِسْنَادِ كَابْنِ النُّدَّرْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute