للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ كَانَ فَتْوَى جُلِّ أَهْلِ الْعِلْمِ وَشَيْخُنَا أَهْمَلَهُ فِي النَّظْمِ.

[الاحتجاج بمرسل كبار التابعين]

(قُلْتُ: الشَّيْخُ) ابْنُ الصَّلَاحِ (لَمْ يُفَصِّلْ) فِي الْمُرْسَلِ الْمُعْتَضِدِ بَيْنَ كِبَارَ التَّابِعِينَ وَصِغَارِهِمْ، بَلْ أَطْلَقَ كَمَا تَرَى، وَكَأَنَّهُ بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ فِي تَعْرِيفِهِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَالشَّافِعِيُّ) الَّذِي اعْتَمَدَ ابْنُ الصَّلَاحِ مَقَالَهُ فِي ذَلِكَ (بِالْكِبَارِ مِنْهُمْ قَيَّدَا) الْمُعْتَضِدَ، وَتَبِعَ ابْنَ الصَّلَاحِ فِي الْإِطْلَاقِ النَّوَوِيُّ فِي عَامَّةِ كُتُبِهِ.

ثُمَّ تَنَبَّهَ لِلتَّقْيِيدِ فِي شَرْحِهِ لِلْوَسِيطِ وَهُوَ مِنْ أَوَاخِرِ تَصْنِيفِهِ ; فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ: وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْمُرْسَلُ فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ عِنْدَنَا، إِلَّا أَنَّ الشَّافِعِيَّ كَانَ يَرَى الِاحْتِجَاجَ بِمُرْسَلِ الْكِبَارِ مِنَ التَّابِعِينَ، بِشَرْطِ أَنْ يَعْتَضِدَ بِأَحَدِ أُمُورٍ أَرْبَعَةٍ، وَذَكَرَهَا.

وَكَذَا قَيَّدَهُ الشَّافِعِيُّ بِـ (مَنْ رَوَى) مِنْهُمْ (عَنِ الثِّقَاتِ أَبَدَا) ; بِحَيْثُ إِذَا عُيِّنَ شَيْخُهُ فِي مُرْسَلِهِ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى، أَوْ فِي مُطْلَقِ حَدِيثِهِ حَسَبَ مَا يَحْتَمِلُهَا كَلَامُ الشَّافِعِيِّ الْآتِي: لَا يُسَمَّى مَجْهُولًا، وَلَا مَرْغُوبًا عَنِ الرِّوَايَةِ عَنْهُ، وَلَا يَكْفِي قَوْلُهُ: (إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَأْخُذُ إِلَّا عَنِ الثِّقَاتِ) كَمَا جَاءَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَغَيْرِهِ.

فَالتَّوْثِيقُ مَعَ الْإِبْهَامِ لَا يَكْفِي - عَلَى مَا سَيَأْتِي - نَعَمْ قَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي سَعِيدٍ بِخُصُوصِهِ: إِنَّهُ مَا عَرَفَهُ رَوَى إِلَّا عَنْ ثِقَةٍ، وَأَجَابَ بِذَلِكَ مَنْ عَارَضَهُ فِي قَبُولِ مَرَاسِيلِهِ خَاصَّةً، بَلْ وَزَادَ: أَنَّهُ لَا يَحْفَظُ لَهُ مُنْقَطِعًا إِلَّا وَجَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى تَسْدِيدِهِ.

وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ عَقِبَ الْعَاضِدِ بِمَجِيئِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ: وَلِهَذَا احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِمُرْسَلَاتِ سَعِيدٍ ; فَإِنَّهَا وُجِدَتْ مَسَانِيدَ مِنْ وُجُوهٍ أُخَرَ. قَالَ: وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ عِنْدَهُ بِإِرْسَالِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ. انْتَهَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>