وَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَقَدْ يَسْتَغْرِبُونَهُ ; لِكَوْنِ الْغَالِبِ عَلَى رِوَايَةِ التَّيْمِيِّ عَنْ أَنَسٍ كَوْنُهَا بِلَا وَاسِطَةٍ. وَإِلَى مَشْهُورٍ مَقْصُورٍ عَلَى غَيْرِ الْمُحَدِّثِينَ ; كَالْأَمْثِلَةِ الَّتِي قَدَّمْتُهَا، وَلَكِنْ لَا اعْتِبَارَ إِلَّا بِمَا هُوَ مَشْهُورٌ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ.
وَقَدْ أَفْرَدْتُ فِي الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ بِالنَّظَرِ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَقْسَامِهِ كِتَابًا. وَكَذَا يَنْقَسِمُ أَيْضًا بِاعْتِبَارٍ آخَرَ، فَيَكُونُ مِنْهُ مَا لَمْ يَرْتَقِ إِلَى التَّوَاتُرِ، وَهُوَ الْأَغْلَبُ فِيهِ.
[تَعْرِيفُ التَّوَاتُرِ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا]
[تَعْرِيفُ التَّوَاتُرِ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا] (وَمِنْهُ ذُو تَوَاتُرٍ) ، بَلْ قَالَ شَيْخُنَا: إِنَّ كُلَّ مُتَوَاتِرٍ مَشْهُورٌ، وَلَا يَنْعَكِسُ. يَعْنِي فَإِنَّهُ لَا يَرْتَقِي لِلتَّوَاتُرِ إِلَّا بَعْدَ الشُّهْرَةِ، فَهُوَ لُغَةً: تَرَادُفُ الْأَشْيَاءِ الْمُتَعَاقِبَةِ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، بَيْنَهُمَا فَتْرَةٌ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى} [المؤمنون: ٤٤] ; أَيْ: رَسُولًا بَعْدَ رَسُولٍ، بَيْنَهُمَا فَتْرَةٌ. وَاصْطِلَاحًا: هُوَ مَا يَكُونُ (مُسْتَقْرَا فِي) جَمِيعِ (طَبَقَاتِهِ) ، أَنَّهُ مِنَ الِابْتِدَاءِ إِلَى الِانْتِهَاءِ وَرَدَ عَنْ جَمَاعَةٍ غَيْرِ مَحْصُورِينَ فِي عَدَدٍ مُعَيَّنٍ، وَلَا صِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ، بَلْ بِحَيْثُ يَرْتَقُونَ إِلَى حَدٍّ تُحِيلُ الْعَادَةُ مَعَهُ تَوَاطُؤَهُمْ عَلَى الْكَذِبِ، أَوْ وُقُوعَ الْغَلَطِ مِنْهُمُ اتِّفَاقًا مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ. وَبِالنَّظَرِ لِهَذَا خَاصَّةً يَكُونُ الْعَدَدُ فِي طَبَقَةٍ كَثِيرًا، وَفِي أُخْرَى قَلِيلًا ; إِذِ الصِّفَاتُ الْعَلِيَّةُ فِي الرُّوَاةِ تَقُومُ مَقَامَ الْعَدَدِ أَوْ تَزِيدُ عَلَيْهِ.
هَذَا كُلُّهُ مَعَ كَوْنِ مُسْتَنَدِ انْتِهَائِهِ الْحِسَّ ; مِنْ مُشَاهَدَةٍ أَوْ سَمَاعٍ ; لِأَنَّ مَا لَا يَكُونُ كَذَلِكَ يُحْتَمَلُ دُخُولُ الْغَلَطِ فِيهِ، وَنَحْوُهُ كَمَا اتَّفَقَ أَنَّ سَائِلًا سَأَلَ مَوْلَى أَبِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute