وَوَجَّهَهُ غَيْرُهُ بِجَوَازِ أَنَّ نَحْوَ هَذَا مِنَ الرِّوَايَةِ بِالْمَعْنَى، وَهُمْ مِمَّنْ لَا يُجَوِّزُهَا.
وَأَمَّا شَيْخُنَا فَرَدَّهُ أَصْلَا فِيمَا نَقَلَهُ عَنْ غَيْرِهِ ; حَيْثُ قَالَ: وَأُجِيبُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الصَّحَابِيِّ مَعَ عَدَالَتِهِ وَمَعْرِفَتِهِ بِأَوْضَاعِ اللُّغَةِ - أَنَّهُ لَا يُطْلِقُ ذَلِكَ إِلَّا فِيمَا تَحَقَّقَ أَنَّهُ أَمْرٌ أَوْ نَهْيٌ، مِنْ غَيْرِ شَكٍّ، نَفْيًا لِلتَّلْبِيسِ عَنْهُ، لِنَقْلِ مَا يُوجِبُ عَلَى سَامِعِهِ اعْتِقَادَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ فِيمَا لَيْسَ أَمْرًا وَلَا نَهْيًا.
تَتِمَّةٌ: قَوْلُ الصَّحَابِيِّ: إِنِّي لَأَشْبَهُكُمْ صَلَاةً بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا أَشْبَهَ كَـ " لَأُقَرِّبَنَّ لَكُمْ صَلَاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " - كُلُّهُ مَرْفُوعٌ. وَهَلْ يَلْتَحِقُ التَّابِعِيُّ بِالصَّحَابِيِّ فِي " مِنَ السُّنَّةِ " أَوْ " أُمِرْنَا "؟ سَيَأْتِي فِي خَامِسِ الْفُرُوعِ.
وَقَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " أُمِرْتُ " هُوَ كَقَوْلِهِ: " أَمَرَنِي اللَّهُ " ; لِأَنَّهُ لَا آمِرَ لَهُ إِلَّا اللَّهُ، كَمَا سَيَأْتِي نَظِيرُهُ فِي " يَرْفَعُهُ "، وَ " يَرْوِيهِ "، وَأَمْثِلَتُهُ كَثِيرَةٌ.
فَمِنَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ: «أُمِرْتُ بِقَرْيَةٍ تَأْكُلُ الْقُرَى» ، يَقُولُونَ: يَثْرِبُ " وَمِنْ غَيْرِهِ: «أُمِرْنَا أَنْ نَضَعَ أَيْمَانَنَا عَلَى شَمَائِلِنَا فِي الصَّلَاةِ» .
وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنِ اشْتُهِرَ بِطَاعَةِ كَبِيرٍ إِذَا قَالَ ذَلِكَ، فُهِمَ مِنْهُ أَنَّ الْآمِرَ لَهُ هُوَ ذَلِكَ الْكَبِيرُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْفَرْعُ الثَّانِي قَوْلُ الصَّحَابِيِّ كُنَّا نَرَى]
[الْفَرْعُ الثَّانِي] (وَ) الْفَرْعُ الثَّانِي (قَوْلُهُ) أَيِ: الصَّحَابِيِّ (كُنَّا نَرَى) كَذَا، أَوْ نَفْعَلُ كَذَا، أَوْ نَقُولُ كَذَا، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، وَحُكْمُهُ أَنَّهُ (إِنْ كَانَ) ذَلِكَ (مَعَ) ذِكْرِ (عَصْرِ النَّبِيِّ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ; كَقَوْلِ جَابِرٍ: «كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ، أَوْ: «كُنَّا نَأْكُلُ لُحُومَ الْخَيْلِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ، وَقَوْلِ غَيْرِهِ: " كُنَّا لَا نَرَى بَأْسًا بِكَذَا، وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِينَا "، أَوْ: " كَانَ يُقَالُ كَذَا وَكَذَا عَلَى عَهْدِهِ "، أَوْ: " كَانُوا يَفْعَلُونَ كَذَا وَكَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute