بَأْسَ إِذَا كَانَ كَلَامٌ حَسَنٌ أَنْ تَضَعَ لَهُ إِسْنَادًا.
وَذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ فِي الْعِلَلِ الَّتِي بِآخِرِ (جَامِعِهِ) عَنْ أَبِي مُقَاتِلٍ الْخُرَاسَانِيِّ ; أَنَّهُ حَدَّثَ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي شَدَّادٍ وَبِأَحَادِيثَ طِوَالٍ فِي وَصِيَّةِ لُقْمَانَ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ أَخِيهِ: يَا عَمِّ، لَا تَقُلْ: حَدَّثَنَا عَوْنٌ، فَإِنَّكَ لَمْ تَسْمَعْ مِنْهُ هَذَا، فَقَالَ: يَابْنَ أَخِي، إِنَّهُ كَلَامٌ حَسَنٌ.
وَأَغْرَبُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ مَا عَزَاهُ الزَّرْكَشِيُّ - وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا - لِأَبِي الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيِّ صَاحِبِ (الْمُفْهِمِ) قَالَ: اسْتَجَازَ بَعْضُ فُقَهَاءِ أَصْحَابِ الرَّأْيِ [نِسْبَةَ الْحُكْمِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْقِيَاسُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -] نِسْبَةً قَوْلِيَّةً، فَيَقُولُ فِي ذَلِكَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَا.
وَلِهَذَا تَرَى كُتُبَهُمْ مَشْحُونَةً بِأَحَادِيثَ تَشْهَدُ مُتُونُهَا بِأَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ ; لِأَنَّهَا تُشْبِهُ فَتَاوَى الْفُقَهَاءِ، وَلَا تَلِيقُ بِجَزَالَةِ كَلَامِ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ ; وَلِأَنَّهُمْ لَا يُقِيمُونَ لَهَا سَنَدًا صَحِيحًا، قَالَ: وَهَؤُلَاءِ يَشْمَلُهُمُ الْوَعِيدُ فِي الْكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. انْتَهَى.
[اخْتِلَافُ ضَرَرِ الْوَضْعِ]
[اخْتِلَافُ ضَرَرِ الْوَضْعِ] وَاقْتَصَرَ الشَّارِحُ عَلَى حِكَايَةِ بَعْضِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ، وَالضَّرَرُ بِهَؤُلَاءِ شَدِيدٌ، وَلِذَلِكَ قَالَ الْعَلَائِيُّ: أَشَدُّ الْأَصْنَافِ ضَرَرًا أَهْلُ الزُّهْدِ ; كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَكَذَا الْمُتَفَقِّهَةُ الَّذِينَ اسْتَجَازُوا نِسْبَةَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْقِيَاسُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَأَمَّا بَاقِي الْأَصْنَافِ - كَالزَّنَادِقَةِ - فَالْأَمْرُ فِيهِمْ أَسْهَلُ ; لِأَنَّ كَوْنَ تِلْكَ الْأَحَادِيثِ كَذِبًا لَا تَخْفَى إِلَّا عَلَى الْأَغْبِيَاءِ، وَكَذَا أَهْلُ الْأَهْوَاءِ مِنَ الرَّافِضَةِ وَالْمُجَسِّمَةِ وَالْقَدَرِيَّةِ فِي شَدِّ بِدَعِهِمْ، وَأَمْرُ أَصْحَابِ الْأُمَرَاءِ وَالْقُصَّاصِ أَظْهَرُ ; لِأَنَّهُمْ فِي الْغَالِبِ لَيْسُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute