قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: صَحَّ عَنْ قَوْمٍ إِسْقَاطُ الْمَجْرُوحِ وَضَمُّ الْقَوِيِّ إِلَى الْقَوِيِّ ; تَلْبِيسًا عَلَى مَنْ يُحَدَّثُ، وَغُرُورًا لِمَنْ يَأْخُذُ عَنْهُ، فَهَذَا مَجْرُوحٌ وَفِسْقُهُ ظَاهِرٌ، وَخَبَرُهُ مَرْدُودٌ ; لِأَنَّهُ سَاقِطُ الْعَدَالَةِ. انْتَهَى.
وَمِمَّنْ كَانَ يَفْعَلُهُ بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَبِالتَّقْيِيدِ بِاللِّقَاءِ خَرَجَ الْإِرْسَالُ، فَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ أَنَّ مَالِكًا سَمِعَ مِنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ أَحَادِيثَ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ثُمَّ حَدَّثَ بِهَا بِحَذْفِ عِكْرِمَةَ ; لِأَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ الرِّوَايَةَ عَنْهُ، وَلَا يَرَى الِاحْتِجَاجَ بِحَدِيثِهِ. انْتَهَى.
فِي أَمْثِلَةٍ لِذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ بِخُصُوصِهِ، فَلَوْ كَانَتِ التَّسْوِيَةُ بِالْإِرْسَالِ تَدْلِيسًا، لَعُدَّ مَالِكٌ فِي الْمُدَلِّسِينَ، وَقَدْ أَنْكَرُوا عَلَى مَنْ عَدَّهُ فِيهِمْ، فَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: وَلَقَدْ ظُنَّ بِمَالِكٍ عَلَى بُعْدِهِ عَنْهُ عَمَلُهُ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: إِنَّ مَالِكًا مِمَّنْ عَمِلَ بِهِ وَلَيْسَ عَيْبًا، عِنْدَهُمْ.
قُلْتُ: وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ مَالِكًا ثَبَتَ عِنْدَهُ الْحَدِيثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَإِلَّا فَقَدْ قَالَ الْخَطِيبُ: إِنَّهُ لَا يَجُوزُ هَذَا الصَّنِيعُ وَإِنِ احْتَجَّ بِالْمُرْسَلِ ; لِأَنَّهُ قَدْ عُلِمَ أَنَّ الْحَدِيثَ عَمَّنْ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عِنْدَهُ وَكَذَا بِالتَّقْيِيدِ بِالضَّعِيفِ - كَانَ أَخَصَّ مِنَ الْمُنْقَطِعِ، عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ قَدْ أَدْرَجَ فِي تَدْلِيسِ التَّسْوِيَةِ مَا كَانَ الْمَحْذُوفُ ثِقَةً.
وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ مَا رَوَاهُ هُشَيْمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ أَبِيهِ، هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ، عَنْ عَلِيٍّ فِي تَحْرِيمِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ قَالُوا: وَيَحْيَى لَمْ يَسْمَعْهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ، وَإِنْ سَمِعَ مِنْهُ غَيْرَهُ إِنَّمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute