عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ بَلَغَتْ رُوَاتُهُ مِائَةً.
وَكَذَا قَالَ ابْنُ بُرْهَانَ الْأُصُولِيُّ فِي كِتَابٍ (الْأَوْسَطِ) : عُلُوُّ الْإِسْنَادِ يُعَظِّمُهُ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ، وَيُشَدِّدُونَ فِي الْبَحْثِ عَنْهُ. قَالَ: وَعُلُوُّ الْحَدِيثِ عِنْدَهُمْ لَيْسَ عِبَارَةً عَنْ قِلَّةِ الرِّجَالِ، وَإِنَّمَا هُوَ عِبَارَةٌ عَنِ الصِّحَّةِ، وَلِهَذَا يَنْزِلُونَ أَحْيَانًا طَلَبًا لِلصِّحَّةِ، فَإِذَا وَجَدُوا حَدِيثًا لَهُ طَرِيقَانِ ; أَحَدُهُمَا بِخَمْسَةِ وَسَائِطَ مَثَلًا، وَالْأُخْرَى بِسَبْعَةٍ، يُرَجِّحُونَ النَّازِلَ عَلَى الْعَالِي طَلَبًا لِلصِّحَّةِ. وَقَدْ نَظَمَ هَذَا الْمَعْنَى السِّلَفِيُّ فَقَالَ:
لَيْسَ حُسْنُ الْحَدِيثِ قُرْبَ رِجَالٍ ... عِنْدَ أَرْبَابِ عِلْمِهِ النُّقَّادِ بَلْ عُلُوُّ الْحَدِيثِ بَيْنَ أُولِي الْحِفْـ
ـظِ وَالْإِتْقَانِ صِحَّةُ الْإِسْنَادِ وَإِذَا مَا تَجَمَّعَا فِي حَدِيثٍ ... فَاغْتَنِمْهُ فَذَاكَ أَقْصَى الْمُرَادِ
قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: فَهَذَا وَنَحْوُهُ لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الْعُلُوِّ الْمُتَعَارَفِ إِطْلَاقُهُ بَيْنَ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَإِنَّمَا هُوَ عُلُوٌّ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى فَحَسْبُ. وَنَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ كَثِيرٍ عَقِبَ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْعَالِيَ مَا صَحَّ سَنَدُهُ وَإِنْ كَثُرَتْ رِجَالُهُ: هَذَا اصْطِلَاحٌ خَاصٌّ، وَمَاذَا يَقُولُ قَائِلُهُ إِذَا صَحَّ الْإِسْنَادَانِ، لَكِنَّ هَذَا أَقْرَبُ رِجَالًا؟ ! .
قُلْتُ: يَقُولُ: إِنَّهُ بِالْوَصْفِ بِالْعُلُوِّ أَوْلَى ; إِذْ لَيْسَ فِي الْكَلَامِ مَا يُخْرِجُهُ.
تَتِمَّةٌ: لَوْ جُمِعَ بَيْنَ سَنَدَيْنِ أَحَدِهِمَا أَعْلَى فَبِأَيِّهِمَا يَبْدَأُ؟ فَجُمْهُورُ الْمُتَأَخِّرِينَ يَبْدَأُ بِالْأَنْزَلِ ; لِيَكُونَ لِإِيرَادِ الْأَعْلَى بَعْدَهُ فَرْحَةٌ، وَأَكْثَرُ الْمُتَقَدِّمِينَ بِالْأَعْلَى لِشَرَفِهِ.
وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ فِي (الْبُخَارِيِّ) قَوْلُهُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ حَ، وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، حَدَّثَنَا أَبِي.
وَقَوْلُهُ: حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ حَ، وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute