(ثُمَّ تَلَى) الْجَمِيعَ قَرِيبًا مِنْ هَذَا الْآنَ (أَبُو عُبَيْدٍ) الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ، الْمُتَوَفَّى فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ (٢٢٤هـ) ، فَجَمَعَ كِتَابَهُ الْمَشْهُورَ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ وَالْآثَارِ، تَعِبَ فِيهِ جِدًّا ; فَإِنَّهُ أَقَامَ فِيهِ أَرْبَعِينَ سَنَةً بِحَيْثُ اسْتَقْصَى وَأَجَادَ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ قَبْلَهُ، وَوَقَعَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِمَوْقِعٍ جَلِيلٍ، وَصَارَ قُدْوَةً فِي هَذَا الشَّأْنِ كَمَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُ، حَتَّى إِنَّ ابْنَ كَثِيرٍ قَالَ: إِنَّهُ أَحْسَنُ شَيْءٍ وُضِعَ فِيهِ، يَعْنِي قَبْلَهُ. وَلَكِنَّهُ غَيْرُ مُرَتَّبٍ، فَرَتَّبَهُ الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّينِ بْنُ قُدَامَةَ عَلَى الْحُرُوفِ، وَلَمْ يَزَلِ النَّاسُ يَنْتَفِعُونَ بِكِتَابِ أَبِي عُبَيْدٍ. وَعَمِلَ أَبُو سَعِيدٍ الضَّرِيرُ كِتَابًا فِي التَّعَقُّبِ عَلَيْهِ.
وَكَذَا مِمَّنْ جَمَعَ الْغَرِيبَ فِي هَذَا الْوَقْتِ الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، وَأَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْكِنْدِيُّ الْبَغْدَادِيُّ تِلْمِيذُ مَعْمَرٍ، وَأَبُو عَمْرٍو شِمْرُ بْنُ حَمْدَوَيْهِ الْمُتَوَفَّى فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ (٢٥٦هـ) . وَكِتَابُهُ يُقَالُ: إِنَّهُ قَدْرُ كِتَابِ أَبِي عُبَيْدٍ مِرَارًا.
(وَاقْتَفَى) أَثَرَ أَبِي عُبَيْدٍ وَحَذَا حَذْوَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدَّيْنَوَرِيُّ (الْقُتَبِيُّ) بِضَمِّ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ نِسْبَةً لِجَدِّهِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ، فَصَنَّفَ كِتَابَهُ الْمَشْهُورَ وَجَعَلَهُ ذَيْلًا عَلَى كِتَابِ أَبِي عُبَيْدٍ، فَكَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute