(السَّابِقَ مِنْ أَحْكَامِهِ بِـ) حُكْمٍ مِنْ أَحْكَامِهِ (لَاحِقٍ) . هَكَذَا عَرَّفَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَقَالَ: إِنَّهُ حَدٌّ وَقَعَ لَنَا سَالِمٌ مِنَ اعْتِرَاضَاتٍ وَرَدَتْ عَلَى غَيْرِهِ.
وَالْمُرَادُ بِارْتِفَاعِ الْحُكْمِ قَطْعُ تَعَلُّقِهِ بِالْمُكَلَّفِينَ ; إِذِ الْحُكْمُ قَدِيمٌ لَا يَرْتَفِعُ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُكَلَّفَ إِذَا كَانَ مُسْتَجْمِعًا لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ يُقَالُ: تَعَلَّقَ بِهِ الْحُكْمُ. وَإِذَا جُنَّ يُقَالُ: ارْتَفَعَ عَنْهُ الْحُكْمُ ; أَيْ: تَعَلَّقَهُ. وَلِذَا صَرَّحَ شَيْخُنَا تَبَعًا لِغَيْرِهِ بِقَوْلِهِ: رَفْعُ تَعَلُّقِ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ مُتَأَخِّرٍ عَنْهُ. ثُمَّ لِكَوْنِ الرَّفْعِ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ الثُّبُوتِ، خَرَجَ بَيَانُ الْمُجْمَلِ وَالِاسْتِثْنَاءِ وَالشَّرْطِ وَنَحْوِهَا مِمَّا هُوَ مُتَّصِلٌ بِالْحُكْمِ، مُبَيِّنٌ لِغَايَتِهِ، لَا سِيَّمَا مَعَ التَّقْيِيدِ بِالسَّابِقِ. وَاحْتَرَزَ بِالشَّارِعِ عَنْ قَوْلِ بَعْضِ الصَّحَابَةِ: خَبَرُ كَذَا نَاسِخٌ ; فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ نَسْخًا وَإِنْ كَانَ التَّكْلِيفُ بِالْخَبَرِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ إِنَّمَا حَصَلَ بِإِخْبَارِهِ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ بَلَغَهُ قَبْلُ. وَبِالْحُكْمِ السَّابِقِ مِنْ أَحْكَامِهِ عَنْ رَفْعِ الْإِبَاحَةِ الْأَصْلِيَّةِ ; فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى نَسْخًا. وَلِلِاحْتِرَازِ عَنْ ذَلِكَ أَيْضًا قَيَّدَ بَعْضُهُمُ الْحُكْمَ بِالشَّرْعِيِّ، وَقَالَ: لِأَنَّ الْأُمُورَ الْعَقْلِيَّةَ الَّتِي مُسْتَنَدُهَا الْبَرَاءَةُ الْأَصْلِيَّةُ لَمْ تُنْسَخْ، وَإِنَّمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute