أَيْ: بِالْحَسَنِ (الضَّعِيفَ) وَلَوْ بَلَغَ رُتْبَةَ الْوَضْعِ، يَعْنِي كَمَا هُوَ قَصْدُ الْوَاضِعِينَ غَالِبًا، وَذَلِكَ لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ إِذَا جَرَوْا عَلَى اصْطِلَاحِهِمْ، بَلْ صَرَّحَ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ إِطْلَاقُهُ فِي الْمَوْضُوعِ، يَعْنِي وَلَوْ خَرَجُوا عَنِ اصْطِلَاحِهِمْ ; لِأَنَّهُ رُبَّمَا أَوْقَعَ فِي لَبْسٍ، وَأَيْضًا فَحُسْنُ لَفْظِهِ مُعَارَضٌ بِقُبْحِ الْوَضْعِ أَوِ الضَّعْفِ.
لَكِنْ أَجَابَ بِمَنْعِ وُرُودِهِ بَعْدَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالصِّحَّةِ، الَّذِي هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ حَسَنٌ، وَلِذَلِكَ تَبِعَهُ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ فِيهِ.
عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَدَّعِي أَنَّ تَقْيِيدَ التِّرْمِذِيِّ بِالْإِسْنَادِ ; حَيْثُ قَالَ: إِنَّمَا أَرَدْنَا بِهِ بِحُسْنِ إِسْنَادِهِ - يَدْفَعُ إِرَادَةَ حُسْنِ اللَّفْظِ، وَلَكِنْ لَا يَأْتِي هَذَا إِذَا مَشَيْنَا عَلَى أَنَّ تَعْرِيفَهُ إِنَّمَا هُوَ لِمَا يَقُولُ فِيهِ، حَسَنٌ فَقَطْ.
وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ سَيِّدِ النَّاسِ فِي دَفْعِ كَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ: حَدِيثُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُلُّهُ حَسَنُ الْأَلْفَاظِ، بَلِيغُ الْمَعَانِي، يَعْنِي فَلِمَ يَخُصَّ بِالْوَصْفِ بِذَلِكَ بَعْضَهُ دُونَ بَعْضٍ، فَهُوَ كَذَلِكَ جَزْمًا، لَكِنَّ فِيهِ مَا هُوَ فِي التَّرْهِيبِ وَنَحْوِهِ ; كَـ «مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ عُذِّبَ» وَمَا هُوَ فِي التَّرْغِيبِ وَالْفَضَائِلِ ; كَالزُّهْدِ وَالرَّقَائِقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَا مَانِعَ مِنَ النَّصِّ فِي الثَّانِي وَنَحْوِهِ عَلَى الْحُسْنِ اللُّغَوِيِّ.
وَرُدَّ بِأَنَّ الْمُطَابِقَ لِلْوَاقِعِ فِي التِّرْمِذِيِّ غَيْرُ مَحْصُورٍ فِيهِ، وَالِانْفِصَالَ عَنْهُ - كَمَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ - أَنَّ الْوَصْفَ بِذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ بِالتَّرْهِيبِ بِاعْتِبَارِ مَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ وَالزَّجْرِ بِالَأَسَالِيبِ الْبَدِيعَةِ.
وَحِينَئِذٍ فَالْإِشْكَالُ بَاقٍ، (أَوْ) إِنْ (يُرِدْ مَا يَخْتَلِفُ سَنَدُهُ) ; بِأَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute