الْأَكْثَرِيَّةِ. وَالَّذِي يَدُلُّ لِذَلِكَ مَا نُسِبَ لِبَقِيِّ بْنِ مَخْلَدٍ مِمَّا أَوْدَعَهُ فِي مُسْنَدِهِ خَاصَّةً كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا لَا مُطْلَقًا ; فَإِنَّهُ رَوَى لِأَبِي هُرَيْرَةَ خَمْسَةَ آلَافٍ وَثَلَاثَمِائَةٍ وَأَرْبَعَةً وَسِتِّينَ، وَلِابْنِ عُمَرَ أَلْفَيْنِ وَسِتَّمِائَةٍ وَثَلَاثِينَ، وَلِأَنَسٍ أَلْفَيْنِ وَمِائَتَيْنِ وَسِتَّةً وَثَمَانِينَ، وَلَعَائِشَةَ أَلْفَيْنِ وَمِائَتَيْنِ وَعَشَرَةً، وَلِابْنِ عَبَّاسٍ ألْفًا وَسِتَّمِائَةٍ وَسِتِّينَ، وَلِجَابِرٍ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ وَأَرْبَعِينَ. وَلَهُمْ سَابِعٌ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِابْنِ كَثِيرٍ، وَهُوَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، فَرَوَى لَهُ بَقِيٌّ أَلْفًا وَمِائَةً وَسَبْعِينَ، وَقَدْ نَظَمَهُ الْبُرْهَانُ الْحَلَبِيُّ فَقَالَ:
أَبُو سَعِيدٍ نِسْبَةً لِخُدْرَةِ سَابِعُهُمْ أُهْمِلَ فِي الْقَصِيدَةِ.
وَكَذَا أَدْرَجَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي الْمُكْثِرِينَ ابْنَ مَسْعُودٍ وَابْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَلَمْ يَبْلُغْ حَدِيثُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِنْدَ بَقِيٍّ أَلْفًا ; إِذْ حَدِيثُ أَوَّلِهِمَا عِنْدَهُ ثَمَانِمِائَةٍ وَثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ، وَثَانِيهِمَا سَبْعُمِائَةٍ. وَاسْتِثْنَاءُ أَبِي هُرَيْرَةَ لَهُ مِنْ كَوْنِهِ أَكْثَرَ الصَّحَابَةِ حَدِيثًا كَمَا فِي الصَّحِيحِ لَا يَخْدِشُ فِيمَا تَقَدَّمَ وَلَوْ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلًا، فَقَدْ أُجِيبَ بِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ كَانَ مُشْتَغِلًا بِالْعِبَادَةِ أَكْثَرَ مِنَ اشْتِغَالِهِ بِالتَّعْلِيمِ، فَقَلَّتِ الرِّوَايَةُ عَنْهُ، أَوْ أَنَّ أَكْثَرَ مُقَامِهِ بَعْدَ فُتُوحِ الْأَمْصَارِ كَانَ بِمِصْرَ أَوْ بِالطَّائِفِ، وَلَمْ تَكُنِ الرِّحْلَةُ إِلَيْهِمَا مِمَّنْ يَطْلُبُ الْعِلْمَ كَالرِّحْلَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ.
وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ مُتَصَدِّيًا فِيهَا لِلْفَتْوَى وَالتَّحْدِيثِ حَتَّى مَاتَ ; أَوْ لِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ اخْتُصَّ بِدَعْوَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنْ لَا يَنْسَى مَا يُحَدِّثُهُ بِهِ، فَانْتَشَرَتْ رِوَايَتُهُ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَجْوِبَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute