للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَذْكُورَيْنِ فِي تَبُوكَ وَحَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَذَلِكَ مِائَةُ أَلْفٍ وَعَشَرَةُ آلَافٍ، (مَعْ) زِيَادَةِ (أَرْبَعِ آلَافٍ) عَلَى ذَلِكَ، (تَنِضْ) بِكَسْرِ النُّونِ وَتَشْدِيدِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ ; أَيْ: يَتَيَسَّرُ حَصْرُهَا تَشْبِيهًا بِنَضِّ الدَّرَاهِمِ، وَهُوَ تَيَسُّرُهَا، مِمَّنْ رَوَى عَنْهُ وَسَمِعَ مِنْهُ أَوْ رَآهُ وَسَمِعَ مِنْهُ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ ذَلِكَ رَدًّا لِمَنْ قَالَ لَهُ: أَلَيْسَ يُقَالُ: حَدِيثُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعَةُ آلَافِ حَدِيثٍ؟ فَقَالَ: وَمَنْ ذَا قَالَ ذَا؟ قَلْقَلَ اللَّهُ أَنْيَابَهُ، هَذَا قَوْلُ الزَّنَادِقَةِ، وَمَنْ يُحْصِي حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَذَكَرَهُ. فَقِيلَ لَهُ: هَؤُلَاءِ أَيْنَ كَانُوا وَأَيْنَ سَمِعُوا مِنْهُ؟ قَالَ: أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَأَهْلُ مَكَّةَ وَمَنْ بَيْنَهُمَا مِنَ الْأَعْرَابِ، وَمَنْ شَهِدَ مَعَهُ حَجَّةَ الْوَدَاعِ، كُلٌّ رَآهُ وَسَمِعَ مِنْهُ بِعَرَفَةَ. قَالَ ابْنُ فَتْحُونٍ فِي ذَيْلِ (الِاسْتِيعَابِ) بَعْدَ إِيرَادِهِ لِهَذَا: أَجَابَ بِهِ أَبُو زُرْعَةَ سُؤَالَ مَنْ سَأَلَهُ عَنِ الرُّوَاةِ خَاصَّةً، فَكَيْفَ بِغَيْرِهِمْ؟ انْتَهَى.

وَكَذَا لَمْ يَدْخُلْ فِي ذَلِكَ مَنْ مَاتَ فِي حَيَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْغَزَوَاتِ وَغَيْرِهَا، عَلَى أَنَّهُ قَدْ جَاءَ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ رِوَايَةٌ أُخْرَى أَوْرَدَهَا أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ فِي الذَّيْلِ، قَالَ: تُوُفِّيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَنْ رَآهُ وَسَمِعَ مِنْهُ زِيَادَةٌ عَلَى مِائَةِ أَلْفِ إِنْسَانٍ مِنْ رَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ، وَكُلٌّ قَدْ رَوَى عَنْهُ سَمَاعًا أَوْ رُؤْيَةً، فَعِلْمُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَثِيرٌ. وَلَكِنَّهَا لَا تُنَافِي الْأُولَى ; لِقَوْلِهِ فِيهَا: زِيَادَةٌ. مَعَ أَنَّهَا أَقْرَبُ لِعَدَمِ التَّوَرُّطِ فِيهَا بِعُهْدَةِ الْحَصْرِ.

نَعَمْ، رَوَى الْحَاكِمُ فِي (الْإِكْلِيلِ) مِنْ «حَدِيثِ مُعَاذٍ قَالَ: (خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى غَزْوَةِ تَبُوكَ زِيَادَةً عَلَى ثَلَاثِينَ أَلْفًا) » . وَبِهَذِهِ الْعِدَّةِ جَزَمَ ابْنُ إِسْحَاقَ. وَأَوْرَدَهُ الْوَاقِدِيُّ بِإِسْنَادٍ آخَرَ مَوْصُولٍ، وَزَادَ أَنَّهُ كَانَتْ مَعَهُ عَشَرَةُ آلَافِ فَرَسٍ، فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي ابْتِدَاءِ خُرُوجِهِمْ، كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ: خَرَجْنَا. وَتَكَامَلَتِ الْعِدَّةُ بَعْدَ ذَلِكَ. وَوَقَعَ لِشَيْخِنَا فِي الْفَتْحِ هُنَا سَهْوٌ، حَيْثُ عَيَّنَ قَوْلَ أَبِي زُرْعَةَ فِي تَبُوكَ بِأَرْبَعِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>