للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلِيًّا أَخْفَى إِسْلَامَهُ مِنْ أَبِيهِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَظْهَرَ أَبُو بَكْرٍ إِسْلَامَهُ ; وَلِذَلِكَ شُبِّهَ عَلَى النَّاسِ. وَنَحْوُهُ قَوْلُ شَيْخِنَا فِي قَوْلِ عَمَّارٍ: ( «رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا مَعَهُ إِلَّا خَمْسَةُ أَعْبُدٍ وَامْرَأَتَانِ وَأَبُو بَكْرٍ» ) ، مُرَادُهُ مِمَّنْ أَظْهَرَ إِسْلَامَهُ، وَإِلَّا فَقَدْ كَانَ حِينَئِذٍ جَمَاعَةٌ مِمَّنْ أَسْلَمَ، لَكِنَّهُمْ كَانُوا يُخْفُونَهُ مِنْ أَقَارِبِهِمْ.

وَكَذَا قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: أَوَّلُ مَنْ آمَنَ خَدِيجَةُ، ثُمَّ عَلِيٌّ. قَالَ: فَكَانَ أَوَّلَ ذَكَرٍ آمَنَ، وَهُوَ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ، ثُمَّ زَيْدٌ، فَكَانَ أَوَّلَ ذَكَرٍ أَسْلَمَ بَعْدَ عَلِيٍّ، ثُمَّ أَبُو بَكْرٍ فَأَظْهَرَ إِسْلَامَهُ وَدَعَا إِلَى اللَّهِ، فَأَسْلَمَ بِدُعَائِهِ عُثْمَانُ وَالزُّبَيْرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَطَلْحَةُ، فَكَأَنَّ هَؤُلَاءِ النَّفَرَ الثَّمَانِيَةَ أَسْبَقُ النَّاسِ بِالْإِسْلَامِ. وَقِيلَ فِيمَا نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ الْمَسْعُودِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ: أَوَّلُهُمْ إِسْلَامًا بِلَالٌ ; لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ الْمَاضِي.

وَقَدْ جَمَعَ ابْنُ الصَّلَاحِ بَيْنَ هَذِهِ الْأَقْوَالِ فَقَالَ: وَالْأَوْرَعُ أَنْ يُقَالَ: أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الرِّجَالِ الْأَحْرَارِ أَبُو بَكْرٍ، وَمِنَ الصِّبْيَانِ عَلِيٌّ، وَمِنَ النِّسَاءِ خَدِيجَةُ، وَمِنَ الْمَوَالِي زَيْدٌ، وَمِنَ الْعَبِيدِ بِلَالٌ. وَهُوَ أَحْسَنُ مَا قِيلَ ; لِاجْتِمَاعِ الْأَقْوَالِ بِهِ. عَلَى أَنَّهُ قَدْ سُبِقَ بِهِ مَا عَدَا بِلَالًا، فَذَكَرَ ابْنُ قُتَيْبَةَ أَنَّ إِسْحَاقَ ابْنَ رَاهَوَيْهِ ذَكَرَ الِاخْتِلَافَ فِي أَوَّلِ مَنْ أَسْلَمَ، فَقَالَ: الْخَبَرُ فِي كُلِّ ذَلِكَ صَحِيحٌ، أَمَّا أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ النِّسَاءِ فَخَدِيجَةُ، وَأَمَّا أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الرِّجَالِ فَأَبُو بَكْرٍ، وَأَمَّا أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الْمَوَالِي فَزَيْدٌ، وَأَمَّا أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الصِّبْيَانِ فَعَلِيٌّ.

وَكَذَا جَاءَ بِدُونِهِ وَبِدُونِ

<<  <  ج: ص:  >  >>