للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَوْ نَظَرْنَا إِلَى أَنَّ فَقْدَ الِاتِّصَالِ يَشْمَلُ أَيْضًا الْمُعَلَّقَ وَالْمُنْقَطِعَ الْخَفِيَّ كَالتَّدْلِيسِ، وَفَقْدَ الْعَدَالَةِ يَشْمَلُ الضَّعِيفَ بِكَذِبِ رَاوِيهِ أَوْ تُهْمَتِهِ بِذَلِكَ أَوْ فِسْقِهِ أَوْ بِدْعَتِهِ أَوْ جَهَالَةِ عَيْنِهِ أَوْ جَهَالَةِ حَالِهِ، وَفَقْدَ الضَّبْطِ يَشْمَلُ كَثْرَةَ الْغَلَطِ وَالْغَفْلَةَ وَالْوَهْمَ وَسُوءَ الْحِفْظِ وَالِاخْتِلَاطَ وَالْمُخَالَفَةَ - لَزَادَتِ الْأَقْسَامُ كَثِيرًا، كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ ابْنُ الصَّلَاحِ بِقَوْلِهِ: وَمَا كَانَ مِنَ الصِّفَاتِ لَهُ شُرُوطٌ، فَاعْمَلْ فِي شُرُوطِهِ نَحْوَ ذَلِكَ، فَيَتَضَاعَفْ بِذَلِكَ الْأَقْسَامُ.

وَلَكِنْ قَدْ صَرَّحَ غَيْرُ وَاحِدٍ - مِنْهُمْ شَيْخُنَا - بِأَنَّ ذَلِكَ مَعَ كَثْرَةِ التَّعَبِ فِيهِ قَلِيلُ الْفَائِدَةِ، وَلَا يُقَالُ: إِنَّ فَائِدَتَهُ كَوْنُ مَا كَثُرَ فَقْدُ شُرُوطِ الْقَبُولِ فِيهِ أَضْعَفُ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى إِطْلَاقِهِ، فَقَدْ يَكُونُ الْفَاقِدُ لِلصِّدْقِ وَحْدَهُ أَضْعَفَ مِنْ فَاقِدِ جَمِيعِ مَا عَدَاهُ مِمَّا ذُكِرَ ; لِأَنَّ فَقْدَ الْعَدَالَةِ غَيْرُ مُنْحَصِرٍ فِي الْكَذِبِ.

وَقَوْلُ ابْنِ الصَّلَاحِ: " ثُمَّ مَا عُدِمَ فِيهِ جَمِيعُ صِفَاتِ الْقَبُولِ هُوَ الْقِسْمُ الْأَرْذَلُ " - قَدْ لَا يُعَارِضُهُ، كَمَا أَنَّهُ لَا يُقَالُ: فَائِدَتُهُ تَخْصِيصُ كُلِّ قَسْمٍ مِنْهَا بِلَقَبٍ ; إِذْ لَمْ يُلَقَّبْ مِنْهَا إِلَّا الْمُرْسَلُ، وَالْمُنْقَطِعُ، وَالْمُعْضَلُ، وَالْمُعَلَّلُ، وَالشَّاذُّ، وَكَذَا لُقِّبَ مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ فِي الْأَقْسَامِ الْمَقْطُوعُ، وَالْمُدْرَجُ، وَالْمَقْلُوبُ، وَالْمُضْطَرِبُ، وَالْمَوْضُوعُ، وَالْمَطْرُوحُ، وَالْمُنْكَرُ، وَهُوَ بِمَعْنَى الشَّاذِّ، كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهَا.

وَحِينَئِذٍ فَالِاشْتِغَالُ بِغَيْرِهِ مِنْ مُهِمَّاتِ الْفَنِّ الَّذِي لَا يَتَّسِعُ الْعُمُرُ الطَّوِيلُ لِاسْتِقْصَائِهِ - آكَدُ، وَقَدْ خَاضَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِمَّنْ لَمْ يَعْلَمْ هَذَا الشَّأْنَ فِي ذَلِكَ، فَتَعِبُوا وَأَتْعَبُوا.

وَلَوْ قِيلَ لَأَطْوَلِهِمْ وَأَعْرَضِهِمْ: أَوْجِدْنَا مِثَالًا لِمَا لَمْ يُلَقَّبْ مِنْهَا بِلَقَبٍ خَاصٍّ لَبَقِيَ مُتَحَيِّرًا، وَوَرَاءَ هَذَا كُلِّهِ أَنَّ فِي بَعْضِ الْأَقْسَامِ نِزَاعًا، وَذَلِكَ أَنَّ اجْتِمَاعَ الشُّذُوذِ مَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>