للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: فَإِنْ تَشَارَكَ الرَّاوِي وَمَنْ رَوَى عَنْهُ فِي أَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالرِّوَايَةِ ; مِثْلِ السِّنِّ وَاللُّقِيِّ، وَهُوَ الْأَخْذُ عَنِ الْمَشَايِخِ، فَهُوَ النَّوْعُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: رِوَايَةُ الْأَقْرَانِ ; لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ رَاوِيًا عَنْ قَرِينِهِ. (وَقِسْمَيْنِ اعْدُدِ) ; أَيْ: وَاعْدُدْ رِوَايَةَ الْأَقْرَانِ قِسْمَيْنِ: (مُدَبَّجًا) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَآخِرُهُ جِيمٌ، (وَهْوَ إِذَا كُلٌّ) مِنَ الْقَرِينَيْنِ (أَخَذْ عَنْ آخَرٍ) بِالتَّنْوِينِ لِلضَّرُورَةِ، وَبِذَلِكَ سَمَّاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَخْذًا مِنْ دِيبَاجَتَيِ الْوَجْهِ، وَهُمَا الْخَدَّانِ ; لِتَسَاوِيهِمَا وَتَقَابُلِهِمَا. وَلَكِنْ لَمْ يَتَقَيَّدِ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي مُصَنَّفِهِ الْآتِي ذِكْرُهُ بِالْقَرِينَيْنِ، بَلْ أَدْرَجَ فِيهِ مَا يَكُونُ مِنْ أَمْثِلَةِ الْقِسْمِ الْآتِي، وَهَذَا هُوَ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ. (وَغَيْرَهُ) بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى (مُدَبَّجًا) فَأُبْدِلَا مِنْ قِسْمَيْنِ ; أَيْ: وَغَيْرَ مُدَبَّجٍ، وَهُوَ الْقِسْمُ الثَّانِي، وَهُوَ (انْفِرَادُ فَذْ) بِالْفَاءِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ ; أَيْ: انْفِرَادُ أَحَدِ الْقَرِينَيْنِ بِالرِّوَايَةِ عَنِ الْآخَرِ، وَعَدَمُ الْوُقُوفِ عَلَى رِوَايَةِ الْآخَرِ عَنْهُ.

وَحِينَئِذٍ فَالْأَوَّلُ أَخَصُّ مِنْهُ، فَكُلُّ مُدَبَّجٍ أَقْرَانٌ، وَلَا عَكْسَ. وَفِي الْأَوَّلِ صَنَّفَ الدَّارَقُطْنِيُّ كِتَابًا حَافِلًا فِي مُجَلَّدٍ، وَفِي الثَّانِي صَنَّفَ أَبُو الشَّيْخِ بْنُ حَيَّانَ الْأَصْبَهَانِيُّ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ يُوسَفَ بْنِ الْأَخْرَمِ الشَّيْبَانِيُّ. وَفِيهِمَا شَيْخُنَا مُلَخِّصًا لِذَلِكَ مِنْهُمَا، فَسَمَّى الْأَوَّلَ: (التَّعْرِيجَ عَلَى التَّدْبِيجِ) ، وَالثَّانِيَ: (الْأَفْنَانَ فِي رِوَايَةِ الْأَقْرَانِ) ، وَيُسَمَّى أَيْضًا (الْمُخَرَّجَ مِنَ الْمُدَبَّجِ) .

مِثَالُ الْأَوَّلِ فِي الصَّحَابَةِ: أَبُو هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةُ، رَوَى كُلٌّ مِنْهُمَا عَنِ الْآخَرِ. وَفِي

<<  <  ج: ص:  >  >>