وَظَاهِرُ تَسْمِيَةِ الطَّحَاوِيِّ لِكِتَابِهِ الْمُشْتَمِلِ عَلَيْهِمَا " شَرْحُ مَعَانِي الْآثَارِ " مَعَهُمْ، وَكَذَا أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ فِي " تَهْذِيبِ الْآثَارِ " لَهُ، إِلَّا أَنَّ كِتَابَهُ اقْتَصَرَ فِيهِ عَلَى الْمَرْفُوعِ، وَمَا يُورِدُهُ فِيهِ مِنَ الْمَوْقُوفِ فَبِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ، بَلْ فِي الْجَامِعِ لِلْخَطِيبِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ حَبِيبٍ الْفَارْيَابِيِّ عَنْ صَالِحِ بْنِ بَيَانٍ عَنْ أَسَدِ بْنِ سَعِيدٍ الْكُوفِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا: «مَا جَاءَ عَنِ اللَّهِ فَهُوَ فَرِيضَةٌ، وَمَا جَاءَ عَنِّي فَهُوَ حَتْمٌ وَفَرِيضَةٌ، وَمَا جَاءَ عَنْ أَصْحَابِي فَهُوَ سُنَّةٌ، وَمَا جَاءَ عَنْ أَتْبَاعِهِمْ فَهُوَ أَثَرٌ، وَمَا جَاءَ عَمَّنْ دُونَهُمْ فَهُوَ بِدْعَةٌ» .
قَالَ شَيْخُنَا: (وَيُنْظَرُ فِي سَنَدِهِ، فَإِنَّنِي أَظُنُّ أَنَّهُ بَاطِلٌ) . قُلْتُ: بَلْ لَا يَخْفَى بُطْلَانُهُ عَلَى آحَادِ أَتْبَاعِهِ ; فَالْفَارْيَابِيُّ رُمِيَ بِالْوَضْعِ، وَفِي تَرْجَمَتِهِ أَوْرَدَهُ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ، وَاللَّذَانِ فَوْقَهُ قَالَ الْمُسْتَغْفِرِيُّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا: يَرْوِي الْعَجَائِبَ، وَيَنْفَرِدُ بِالْمَنَاكِيرِ.
وَأَصْلُ الْأَثَرِ: مَا ظَهَرَ مِنْ مَشْيِ الشَّخْصِ عَلَى الْأَرْضِ.
قَالَ زُهَيْرٌ:
وَالْمَرْءُ مَا عَاشَ مَمْدُودٌ لَهُ أَثَرُ ... لَا يَنْتَهِي الْعُمُرُ حَتَّى يَنْتَهِيَ الْأَثَرُ
ثُمَّ إِنَّهُ لَا اخْتِصَاصَ فِي الْمَوْقُوفِ بِالصَّحَابِيِّ، بَلْ وَلَوْ أُضِيفَ الْمَرْوِيُّ لِلتَّابِعِيِّ، وَكَذَا لِمَنْ بَعْدَهُ - كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ ابْنِ الصَّلَاحِ - سَاغَ تَسْمِيَتُهُ مَوْقُوفًا.
(وَ) لَكِنْ (إِنْ تَقِفْ بِغَيْرِهِ) أَيْ: عَلَى غَيْرِ الصَّحَابِيِّ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِتَابِعٍ، وَالْأُولَى أَشْمَلُ فَـ (قَيِّدْ) ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: مَوْقُوفٌ عَلَى فُلَانٍ (تَبَرْ) أَيْ: يَزْكُ عَمَلُكَ وَلَا يُنْكَرْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute