حَكَاهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي الْبُرْهَانُ عَنِ الْمُحَقِّقِينَ.
وَمِنَ الْحَنَفِيَّةِ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ، وَابْنُ حَزْمٍ مِنَ الظَّاهِرِيَّةِ، وَبَالَغَ فِي إِنْكَارِ الرَّفْعِ ; مُسْتَدِلًّا بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «أَلَيْسَ حَسْبَكُمْ سُنَّةُ نَبِيِّكُمْ ; إِنْ حُبِسَ أَحَدُكُمْ عَنِ الْحَجِّ طَافَ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ حَلَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، حَتَّى يَحُجَ عَامًا قَابِلًا فَيُهْدِيَ ; أَوْ يَصُومَ إِنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا» .
قَالَ: لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَقَعْ مِنْهُ إِذْ صُدَّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عُمَرَ، بَلْ حَلَّ حَيْثُ كَانَ بِالْحُدَيْبِيَةَ. وَكَذَا مِنْ أَدِلَّتِهِمْ لِمَنْعِ الرَّفْعِ اسْتِلْزَامُهُ ثُبُوتَ سُنَّةِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَمْرٍ مُحْتَمِلٍ ; إِذْ يَحْتَمِلُ إِرَادَةَ سُنَّةِ غَيْرِهِ مِنَ الْخُلَفَاءِ، فَقَدْ سَمَّاهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُنَّةً فِي قَوْلِهِ: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ» أَوْ سُنَّةَ الْبَلَدِ، وَهِيَ الطَّرِيقَةُ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ.
وَنَحْوُهُ تَعْلِيلُ الْكَرْخِيِّ لِـ " أُمِرْنَا " بِأَنَّهُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ كَوْنِهِ مُضَافًا إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَوْ إِلَى أَمْرِ الْقُرْآنِ، أَوِ الْأُمَّةِ، أَوْ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ، أَوِ الْقِيَاسِ وَالِاسْتِنْبَاطِ، وَسُوِّغَ إِضَافَتُهُ إِلَى صَاحِبِ الشَّرْعِ - يَعْنِي لِكَوْنِهِ صَاحِبَ الْأَمْرِ حَقِيقَةً - بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقِيَاسَ مَأْمُورٌ بِاتِّبَاعِهِ مِنَ الشَّارِعِ.
قَالَ: وَهَذِهِ احْتِمَالَاتٌ تَمْنَعُ كَوْنَهُ مَرْفُوعًا، وَفِي " أُمِرْنَا " فَقَطْ - كَمَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ - فَرِيقٌ مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ.
وَخَصَّ ابْنُ الْأَثِيرِ - كَمَا فِي مُقَدِّمَةِ جَامِعِ الْأُصُولِ لَهُ - نَفْيَ الْخِلَافِ فِيهَا بِأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - خَاصَّةً ; إِذْ لَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute