لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي مَجْمُوعِ كَلَامِهِمُ التَّقْسِيمُ لِأَكْثَرَ مِنَ الثَّلَاثَةِ وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي بَعْضِهَا كَمَا رَكِبَ الْقَوْمُ دَوَابَّهُمْ.
وَخُصَّتِ الثَّلَاثَةُ بِالتَّقْسِيمِ لِشُمُولِهَا لِمَا عَدَاهَا مِمَّا سَيَذْكُرُ مِنْ مَبَاحِثِ الْمَتْنِ دُونَ مُخْتَلِفِهِ وَغَرِيبِهِ وَنَاسِخِهِ، بَلْ وَلِأَكْثَرِ مَبَاحِثِ السَّنَدِ ; كَالتَّدْلِيسِ وَالِاخْتِلَاطِ وَالْعَنْعَنَةِ، وَالْمَزِيدِ فِي مُتَّصِلِ الْأَسَانِيدِ، وَمَنْ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ أَوْ تُرَدُّ، وَالثِّقَاتِ وَالضُّعَفَاءِ، وَالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَطُرُقِ التَّحَمُّلِ وَالْأَدَاءِ وَالْمُبْهَمَاتِ.
وَالْحَاصِلُ شُمُولُهَا لِكُلِّ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْقَبُولُ وَالرَّدُّ مِنْهَا، وَلِخُرُوجِ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْأَنْوَاعِ عَنْهَا أَشَارَ ابْنُ الصَّلَاحِ بِقَوْلِهِ فِي آخِرِ الضَّعِيفِ: (وَالْمَلْحُوظُ فِيمَا نُورِدُهُ مِنَ الْأَنْوَاعِ، أَيْ: بَعْدَهُ، عُمُومُ أَنْوَاعِ عُلُومِ الْحَدِيثِ، لَا خُصُوصُ أَنْوَاعِ التَّقْسِيمِ الَّذِي فَرَغْنَا الْآنَ مِنْ تَقْسِيمِهِ) .
وَأَدْرَجَ الضَّعِيفَ فِي السُّنَنِ تَغْلِيبًا، وَإِلَّا فَهُوَ لَا يُسَمَّى سُنَّةً، وَكَذَا قُدِّمَ عَلَى الْحَسَنِ لِلضَّرُورَةِ، أَوْ لِمُرَاعَاةِ الْمُقَابَلَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّحِيحِ، أَوْ لِمُلَاحَظَةِ صَنِيعِ الْأَكْثَرِينَ، لَا سِيَّمَا وَالْحَسَنُ رُتْبَةٌ مُتَوَسِّطَةٌ بَيْنَهُمَا، فَأَعْلَاهَا مَا أُطْلِقَ عَلَيْهِ اسْمُ الْحَسَنِ لِذَاتِهِ، وَأَدْنَاهَا مَا أُطْلِقَ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ الْانْجِبَارِ.
وَالْأَوَّلُ صَحِيحٌ عِنْدَ قَوْمٍ، حَسَنٌ عِنْدَ قَوْمٍ، وَالثَّانِي حَسَنٌ عِنْدَ قَوْمٍ، ضَعِيفٌ عِنْدَ قَوْمٍ، وَهُمْ مَنْ لَا يُثْبِتُ الْوَاسِطَةَ، أَوْ بِالنَّظَرِ إِلَى الْإِنْفِرَادِ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ لِتَأْخِيرِهِ الضَّعِيفَ حِينَ تَفْصِيلِهَا. وَلَا يَخْدِشُ فِيهِ تَيَسُّرُ تَأْخِيرِهِ فِي نَظْمِ بَعْضِ الْآخِذِينَ عَنِ النَّاظِمِ، حَيْثُ قَالَ: عِلْمُ الْحَدِيثِ رَاجِعُ الصُّنُوفِ إِلَى صَحِيحٍ حَسَنٍ ضَعِيفِ
[الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ] (فَالْأَوَّلُ) أَيِ: الصَّحِيحُ، وَقُدِّمَ لِاسْتِحْقَاقِهِ التَّقْدِيمَ رُتْبَةً وَوَضْعًا، وَتَرْكُ تَعْرِيفِهِ لُغَةً بِأَنَّهُ ضِدُّ الْمَكْسُورِ وَالسَّقِيمِ، وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْأَجْسَامِ، بِخِلَافِهِ فِي الْحَدِيثِ وَالْعِبَادَةِ وَالْمُعَامَلَةِ وَسَائِرِ الْمَعَانِي فَمَجَازٌ، أَوْ مِنْ بَابِ الِاسْتِعَارَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute