مَعَ الْقَوْلِ فِي اشْتِرَاطِ بَيَانِ سَبَبِهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا، وَكَوْنِ الْمُعْتَمَدِ عَدَمَهُ مِنَ الْعَالِمِ بِأَسْبَابِهِمَا، وَفِي التَّعْدِيلِ عَلَى الْإِبْهَامِ وَالْبِدْعَةِ الَّتِي يُجَرَّحُ بِهَا، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ.
(وَاعْنَ) أَيِ: اجْعَلْ أَيُّهَا الطَّالِبُ مِنْ عِنَايَتِكَ الِاهْتِمَامَ (بِعِلْمِ الْجَرْحِ) أَيِ: التَّجْرِيحِ (وَالتَّعْدِيلِ) فِي الرُّوَاةِ، فَهُوَ مِنْ أَهَمِّ أَنْوَاعِ الْحَدِيثِ وَأَعْلَاهَا وَأَنْفَعِهَا ; (فَإِنَّهُ الْمِرْقَاةُ) بِكَسْرِ الْمِيمِ تَشْبِيهًا لَهُ بِالْآلَةِ الَّتِي يُعْمَلُ بِهَا وَبِفَتْحِهَا، الدَّرَجَةُ، (لِلتَّفْصِيلِ بَيْنَ الصَّحِيحِ) مِنَ الْحَدِيثِ (وَالسَّقِيمِ) وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا تَصَانِيفُ كَثِيرَةٌ، فَفِي الضُّعَفَاءِ لِيَحْيَى بْنِ مَعِينٍ وَأَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ وَلِلْبُخَارِيِّ فِي كَبِيرٍ وَصَغِيرٍ، وَالنَّسَائِيِّ وَأَبِي حَفْصٍ الْفَلَّاسِ، وَلِأَبِي أَحْمَدَ بْنِ عَدِيٍّ فِي كَامِلِهِ، وَهُوَ أَكْمَلُ الْكُتُبِ الْمُصَنَّفَةِ قَبْلَهُ وَأَجَلُّهَا، وَلَكِنَّهُ تَوَسَّعَ لِذِكْرِ كُلِّ مَنْ تُكُلِّمَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ ثِقَةً ; وَلِذَا لَا يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ: الْكَامِلُ. لِلنَّاقِصِينَ، وَذَيَّلَ عَلَيْهِ أَبُو الْفَضْلِ ابْنُ طَاهِرٍ فِي تَكْمِلَةِ الْكَامِلِ، وَلِأَبِي جَعْفَرٍ الْعُقَيْلِيِّ وَهُوَ مُفِيدٌ، وَأَبِي حَاتِمِ بْنِ حِبَّانَ وَأَبِي الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ وَأَبِي زَكَرِيَّا السَّاجِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمِ وَأَبِي الْفَتْحِ الْأَزْدِيِّ وَأَبِي عَلِيِّ بْنِ السَّكَنِ وَأَبِي الْفَرَجِ بْنِ الْجَوْزِيِّ، وَاخْتَصَرَهُ الذَّهَبِيُّ، بَلْ وَذَيَّلَ عَلَيْهِ فِي تَصْنِيفَيْنِ وَجَمَعَ مُعْظَمَهُمَا فِي مِيزَانِهِ فَجَاءَ كِتَابًا نَفِيسًا عَلَيْهِ مُعَوَّلُ مَنْ جَاءَ بَعْدَهُ، مَعَ أَنَّهُ تَبِعَ ابْنَ عَدِيٍّ فِي إِيرَادِ كُلِّ مَنْ تُكُلِّمَ فِيهِ وَلَوْ كَانَ ثِقَةً، وَلَكِنَّهُ الْتَزَمَ أَنْ لَا يَذْكُرَ أَحَدًا مِنَ الصَّحَابَةِ وَلَا الْأَئِمَّةِ الْمَتْبُوعِينَ، وَقَدْ ذَيَّلَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي مُجَلَّدٍ، وَالْتَقَطَ شَيْخُنَا مِنْهُ مَنْ لَيْسَ فِي تَهْذِيبِ الْكَمَالِ وَضَمَّ إِلَيْهِ مَا فَاتَهُ مِنَ الرُّوَاةِ وَالتَّتِمَّاتِ، مَعَ انْتِقَادٍ وَتَحْقِيقٍ فِي كِتَابٍ سَمَّاهُ (لِسَانَ الْمِيزَانِ) مِمَّا كَتَبْتُهُ وَأَخَذْتُهُ عَنْهُ وَعَمَّ النَّفْعُ بِهِ، بَلْ لَهُ كِتَابَانِ آخَرَانِ هُمَا (تَقْوِيمُ اللِّسَانِ) وَ (تَحْرِيرُ الْمِيزَانِ) ، كَمَا أَنَّ لِلذَّهَبِيِّ فِي الضُّعَفَاءِ مُخْتَصَرًا سَمَّاهُ (الْمُغْنِي) ، وَآخَرَ سَمَّاهُ (الضُّعَفَاءَ وَالْمَتْرُوكِينَ) ، وَذَيَّلَ عَلَيْهِ وَالْتَقَطَ بَعْضَهُمْ مِنَ الضُّعَفَاءِ الْوَضَّاعِينَ فَقَطْ، وَبَعْضَهُمُ الْمُدَلِّسِينَ كَمَا مَضَى فِي بَابَيْهِمَا، وَبَعْضَهُمُ الْمُخْتَلِطِينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute