بْنُ يَحْيَى وَرَمَاهُ يَحْيَى بِالْكَذِبِ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: ثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، سَمِعْتُ ابْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ كَذَّابٌ يَتَفَلْسَفُ. انْتَهَى.
فَإِنَّهُ - كَمَا قَالَ أَبُو يَعْلَى الْخَلِيلِيُّ - مِمَّنِ اتَّفَقَ الْحُفَّاظُ عَلَى أَنَّ كَلَامَهُ فِيهِ تَحَامُلٌ قَالَ: وَلَا يَقْدَحُ كَلَامُ أَمْثَالِهِ فِيهِ. وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي (الْمِيزَانِ) : إِنَّهُ آذَى نَفْسَهُ بِكَلَامِهِ فِيهِ، وَالنَّاسُ كُلُّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى إِمَامَتِهِ وَثِقَتِهِ، وَاحْتَجَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ، وَقَالَ: إِنَّهُ ثِقَةٌ صَدُوقٌ، مَا رَأَيْتُ أَحَدًا يَتَكَلَّمُ فِيهِ بِحُجَّةٍ، كَانَ أَحْمَدُ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَغَيْرُهُمَا يُثَبِّتُونَهُ، وَكَانَ يَحْيَى - يَعْنِي ابْنَ مَعِينٍ - يَقُولُ: سَلُوهُ ; فَإِنَّهُ ثَبَتٌ. وَمِمَّنْ وَثَّقَهُ الْعِجْلِيُّ، وَقَالَ: صَاحِبُ سُنَّةٍ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَقَالَ ابْنُ يُونَسَ: لَمْ يَكُنْ عِنْدَنَا. كَمَا قَالَ النَّسَائِيُّ: لَمْ تَكُنْ لَهُ آفَةٌ غَيْرَ الْكِبْرِ. وَالسَّبَبُ فِي كَلَامِ النَّسَائِيِّ فِيهِ مَا ذَكَرَهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْعُقَيْلِيُّ أَنَّ أَحْمَدَ لَمْ يَكُنْ يُحَدِّثُ أَحَدًا حَتَّى يَسْأَلَ عَنْهُ، فَجَاءَهُ النَّسَائِيُّ، وَقَدْ صَحِبَ قَوْمًا مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ، لَيْسُوا هُنَاكَ، فَأَبَى أَحْمَدُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ، فَعَمِدَ النَّسَائِيُّ إِلَى جَمْعِ أَحَادِيثَ قَدْ غَلِطَ فِيهَا ابْنُ صَالِحٍ فَشَنَّعَ بِهَا وَلَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ.
وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ هَارُونَ الرَّقِّيَّ يَقُولُ: إِنَّهُ حَضَرَ مَجْلِسَهُ فَطَرَدَهُ مِنْهُ فَحَمَلَهُ ذَلِكَ عَلَى التَّكَلُّمِ فِيهِ، وَأَمَّا مَا رَوَاهُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ مَعِينٍ فِيهِ فَجَزَمَ ابْنُ حِبَّانَ بِأَنَّهُ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ، فَالَّذِي تَكَلَّمَ فِيهِ ابْنُ مَعِينٍ إِنَّمَا هُوَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ الشُّمُومِيُّ الْمِصْرِيُّ شَيْخٌ بِمَكَّةَ، كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ، سَأَلَ مُعَاوِيَةُ عَنْهُ يَحْيَى، فَأَمَّا هَذَا فَهُوَ يُقَارِنُ ابْنَ مَعِينٍ فِي الْحِفْظِ وَالْإِتْقَانِ، وَقَوَّاهُ شَيْخُنَا بِنَقْلِ الْبُخَارِيِّ فِي هَذَا عَنِ ابْنِ مَعِينٍ، كَمَا حَكَيْنَاهُ أَنَّهُ ثَبَتٌ، عَلَى أَنَّ ابْنَ يُونُسَ قَدْ رَدَّ قَوْلَ ابْنِ مَعِينٍ أَنْ لَوْ كَانَ فِي أَبِي جَعْفَرٍ بِقَوْلِهِ: لَعَلَّ ابْنَ مَعِينٍ لَا يَدْرِي مَا الْفَلْسَفَةُ ; فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا ; وَلِذَا كَانَ أَحَدَ الْأَوْجُهِ الْخَمْسَةِ الَّتِي تَدْخُلُ الْآفَةُ مِنْهَا فِي ذَلِكَ، كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ، وَقَالَ: إِنَّهُ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ فِي الْمُتَأَخِّرِينَ أَكْثَرَ ; لِأَنَّ النَّاسَ انْتَشَرَتْ بَيْنَهُمْ أَنْوَاعٌ مِنَ الْعُلُومِ الْمُتَقَدِّمَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute