التَّابِعِينَ، ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ آخَرُونَ: لَا يَعْنِي لَا يَكُونُ حَدِيثُ صِغَارِ التَّابِعِينَ مُرْسَلًا، بَلْ يُسَمَّى مُنْقَطِعًا ; لِأَنَّهُمْ لَمْ يَلْقَوْا مِنَ الصَّحَابَةِ إِلَّا الْوَاحِدَ أَوِ الِاثْنَيْنِ، فَأَكْثَرَ رِوَايَتِهِمْ عَنِ التَّابِعِينَ.
وَإِلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ أَشَارَ ابْنُ الصَّلَاحِ بِقَوْلِهِ: وَصُورَتُهُ الَّتِي لَا خِلَافَ فِيهَا حَدِيثُ التَّابِعِيِّ الْكَبِيرِ.
قَالَ شَيْخُنَا: وَلَمْ أَرَ التَّقْيِيدَ بِالْكَبِيرِ صَرِيحًا عَنْ أَحَدٍ، نَعَمْ قَيَّدَ الشَّافِعِيُّ الْمُرْسَلَ الَّذِي يُقْبَلُ إِذَا اعْتَضَدَ - كَمَا سَيَأْتِي - بِأَنْ يَكُونَ مِنْ رِوَايَةِ التَّابِعِيِّ الْكَبِيرِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُسَمِّي مَا رَوَاهُ التَّابِعِيُّ الصَّغِيرُ مُرْسَلًا، بَلِ الشَّافِعِيُّ مُصَرِّحٌ بِتَسْمِيَةِ رِوَايَةِ مَنْ دُونَ كِبَارِ التَّابِعِينَ مُرْسَلَةً، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: وَمَنْ نَظَرَ فِي الْعِلْمِ بِخِبْرَةٍ وَقِلَّةِ غَفْلَةٍ، اسْتَوْحَشَ مِنْ مُرْسَلِ كُلِّ مَنْ دُونَ كِبَارِ التَّابِعِينَ بِدَلَائِلَ ظَاهِرَةٍ.
(أَوْ سَقْطُ رَاوٍ مِنْهُ) أَيِ: الْمُرْسَلُ مَا سَقَطَ رَاوٍ مِنْ سَنَدِهِ ; سَوَاءٌ كَانَ فِي أَوَّلِهِ أَوْ آخِرِهِ، أَوْ بَيْنَهُمَا وَاحِدٌ أَوْ أَكْثَرُ، كَمَا يُومِئُ إِلَيْهِ تَنْكِيرُ " رَاوٍ "، وَجَعْلُهُ اسْمَ جِنْسٍ ; لِيَشْمَلَ - كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ - سُقُوطَ رَاوٍ فَأَكْثَرَ ; بِحَيْثُ يَدْخُلُ فِيهِ الْمُنْقَطِعُ وَالْمُعْضَلُ وَالْمُعَلَّقُ، وَهُوَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْخَطِيبِ ; حَيْثُ أَطْلَقَ الِانْقِطَاعَ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي كِفَايَتِهِ: الْمُرْسَلُ هُوَ مَا انْقَطَعَ إِسْنَادُهُ ; بِأَنْ يَكُونَ فِي رِوَايَةِ مَنْ لَمْ يَسْمَعْهُ مِمَّنْ فَوْقَهُ.
وَكَذَا قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهَا: لَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ إِرْسَالَ الْحَدِيثِ الَّذِي لَيْسَ بِمُدَلَّسٍ، هُوَ رِوَايَةُ الرَّاوِي عَمَّنْ لَمْ يُعَاصِرْهُ ; كَالتَّابِعِينَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، وَمَالِكٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، أَوْ عَمَّنْ عَاصَرَهُ وَلَمْ يَلْقَهُ ; كَالثَّوْرِيِّ، وَشُعْبَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ.
قَالَ: وَمَا كَانَ نَحْوَ ذَلِكَ، فَالْحُكْمُ فِيهِ وَكَذَا فِيمَنْ لَقِيَ مَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute