بِأَشْيَاءَ مُهِمَّةٍ.
فَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَدْخَلِ عَنْ شَيْخِهِ الْحَاكِمِ عَنِ الْأَصَمِّ عَنِ الرَّبِيعِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: وَالْمُنْقَطِعُ مُخْتَلِفٌ، فَمَنْ شَاهَدَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ التَّابِعِينَ، فَحَدَّثَ حَدِيثًا مُنْقَطِعًا عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعْتُبِرَ عَلَيْهِ بِأُمُورٍ: مِنْهَا أَنْ يُنْظَرَ إِلَى مَا أَرْسَلَ مِنَ الْحَدِيثِ، فَإِنْ شَرِكَهُ الْحُفَّاظُ الْمَأْمُونُونَ، فَأَسْنَدُوهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمِثْلِ مَعْنَى مَا رَوَى، كَانَتْ هَذِهِ دَلَالَةً عَلَى صِحَّةِ مَا قِيلَ عَنْهُ وَحِفْظِهِ، وَإِنِ انْفَرَدَ بِإِرْسَالِ حَدِيثٍ لَمْ يَشْرَكْهُ فِيهِ مَنْ يُسْنِدُهُ، قُبِلَ مَا يَنْفَرِدُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ، وَيُعْتَبَرُ عَلَيْهِ بِأَنْ يُنْظَرَ هَلْ يُوَافِقُهُ مُرْسَلُ غَيْرِهِ مِمَّنْ قَبِلَ الْعِلْمَ مِنْ غَيْرِ رِجَالِهِ الَّذِينَ قُبِلَ عَنْهُمْ، فَإِنْ وُجِدَ ذَلِكَ كَانَتْ دَلَالَةً تُقَوِّي لَهُ مُرْسَلَهُ، وَهِيَ أَضْعَفُ مِنَ الْأُولَى، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ، نُظِرَ إِلَى بَعْضِ مَا يَرْوِي عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلًا لَهُ، فَإِنْ وُجِدَ يُوَافِقُ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كَانَتْ هَذِهِ دَلَالَةً عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ مُرْسَلَهُ إِلَّا عَنْ أَصْلٍ يَصِحُّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
وَكَذَلِكَ إِنْ وُجِدَ عَوَامٌّ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يُفْتُونَ بِمِثْلِ مَعْنَى مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ يُعْتَبَرُ عَلَيْهِ بِأَنْ يَكُونَ إِذَا سَمَّى مَنْ رَوَى عَنْهُ، لَمْ يُسَمِّ مَجْهُولًا، وَلَا مَرْغُوبًا عَنِ الرِّوَايَةِ عَنْهُ، فَيُسْتَدَلُّ بِذَلِكَ عَلَى صِحَّتِهِ فِيمَا يَرْوِي عَنْهُ، وَيَكُونَ إِذَا شَرِكَ أَحَدًا مِنَ الْحُفَّاظِ فِي حَدِيثٍ لَمْ يُخَالِفْهُ، فَإِنْ خَالَفَهُ وَوُجِدَ حَدِيثُهُ أَنْقَصَ، كَانَتْ فِي هَذِهِ دَلَائِلُ عَلَى صِحَّةِ مَخْرَجِ حَدِيثِهِ.
وَمَتَى خَالَفَ مَا وَصَفْتُ، أَضَرَّ بِحَدِيثِهِ حَتَّى لَا يَسَعَ أَحَدًا مِنْهُمْ قَبُولُ مُرْسَلِهِ.
قَالَ: وَإِذَا وُجِدَتِ الدَّلَائِلُ لِصِحَّةِ حَدِيثِهِ بِمَا وَصَفْتُ، أَحْبَبْنَا - يَعْنِي اخْتَرْنَا - كَمَا قَالَهُ الْبَيْهَقِيُّ - أَنْ نَقْبَلَ مُرْسَلَهُ، وَلَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نَزْعُمَ أَنَّ الْحُجَّةَ تَثْبُتُ بِهِ ثُبُوتَهَا بِالْمُؤْتَصِلِ ; وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى الْمُنْقَطِعَ مُغَيَّبٌ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ حُمِلَ عَمَّنْ يُرْغَبُ عَنِ الرِّوَايَةِ عَنْهُ إِذَا سُمِّيَ وَإِنَّ بَعْضَ الْمُنْقَطِعَاتِ، وَإِنْ وَافَقَهُ مُرْسَلٌ مِثْلُهُ - فَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَخْرَجُهُمَا وَاحِدًا مِنْ حَدِيثِ مَنْ لَوْ سُمِّيَ لَمْ يُقْبَلْ.
وَإِنَّ قَوْلَ بَعْضِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا قَالَ بِرَأْيِهِ لَوْ وَافَقَهُ، لَمْ يَدُلَّ عَلَى صِحَّةِ مَخْرَجِ الْحَدِيثِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute