لَكِنْ لَا يُقَالُ: إِنَّهُ مَقْبُولٌ ; كَمَرَاسِيلِ الصَّحَابَةِ ; لِأَنَّ رِوَايَةَ الصَّحَابَةِ إِمَّا أَنْ تَكُونَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ عَنْ صَحَابِيٍّ آخَرَ، وَالْكُلُّ مَقْبُولٌ.
وَاحْتِمَالُ كَوْنِ الصَّحَابِيِّ الَّذِي أَدْرَكَ وَسَمِعَ يَرْوِي عَنِ التَّابِعِينَ - بَعِيدٌ جِدًّا، بِخِلَافِ مَرَاسِيلَ هَؤُلَاءِ ; فَإِنَّهَا عَنِ التَّابِعِينَ بِكَثْرَةٍ، فَقَوِيَ احْتِمَالُ أَنْ يَكُونَ السَّاقِطُ غَيْرَ الصَّحَابِيِّ، وَجَاءَ احْتِمَالُ كَوْنِهِ غَيْرَ ثِقَةٍ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ تَكَلَّمَ الْعُلَمَاءُ فِي عِدَّةِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي صَرَّحَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِسَمَاعِهَا مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَكَانَ مِنَ الْغَرِيبِ قَوْلُ الْغَزَالِيِّ فِي الْمُسْتَصْفَى وَقَلَّدَهُ جَمَاعَةٌ: إِنَّهَا أَرْبَعَةٌ لَيْسَ إِلَّا.
وَعَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ، وَابْنِ مَعِينٍ، وَأَبِي دَاوُدَ صَاحِبِ السُّنَنِ: تِسْعَةٌ، وَعَنْ غُنْدَرٍ: عَشْرَةٌ، وَعَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ: أَنَّهَا دُونَ الْعِشْرِينَ مِنْ وُجُوهٍ صِحَاحٍ.
وَقَدِ اعْتَنَى شَيْخُنَا بِجَمْعِ الصَّحِيحِ وَالْحَسَنِ فَقَطْ مِنْ ذَلِكَ، فَزَادَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ، سِوَى مَا هُوَ فِي حُكْمِ السَّمَاعِ ; كَحِكَايَةِ حُضُورِ شَيْءٍ فُعِلَ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَشَارَ شَيْخُنَا لِذَلِكَ، عَقِبَ قَوْلِ الْبُخَارِيِّ فِي الْحَدِيثِ الثَّالِثِ مِنْ بَابِ الْحَشْرِ مِنَ الرَّقَائِقِ: هَذَا مِمَّا يُعَدُّ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ سَمِعَهُ.
خَاتِمَةٌ: الْمُرْسَلُ مَرَاتِبُ: أَعْلَاهَا: مَا أَرْسَلَهُ صَحَابِيٌّ ثَبَتَ سَمَاعُهُ، ثُمَّ صَحَابِيٌّ لَهُ رُؤْيَةٌ فَقَطْ، وَلَمْ يَثْبُتْ سَمَاعُهُ، ثُمَّ الْمُخَضْرَمُ، ثُمَّ الْمُتْقِنُ ; كَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَيَلِيهَا مَنْ كَانَ يَتَحَرَّى فِي شُيُوخِهِ ; كَالشَّعْبِيِّ وَمُجَاهِدٍ، وَدُونَهَا مَرَاسِيلُ مَنْ كَانَ يَأْخُذُ عَنْ كُلِّ أَحَدٍ كَالْحَسَنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute