لَا سِيَّمَا وَقَدْ صَرَّحَ بَعْدُ بِقَوْلِهِ: فَرُبَّمَا أَعْضَلَ أَتْبَاعُ التَّابِعِينَ وَأَتْبَاعُهُمُ. . . الْحَدِيثَ - إِلَى آخِرِ كَلَامِهِ الَّذِي أَرْشَدَ فِيهِ لِمَا تَقَدَّمَ مِثْلُهُ فِي أَوَاخِرِ الْمُرْسَلِ، مَعَ كَوْنِهِ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ، بَلْ وَافَقَهُ عَلَيْهِ أَبُو نَصْرٍ السِّجْزِيُّ، وَعَزَاهُ لِأَصْحَابِ الْحَدِيثِ.
وَهُوَ عَدَمُ الْمُبَادَرَةِ إِلَى الْحُكْمِ قَبْلَ الْفَحْصِ، وَإِلَّا فَقَدْ يَكُونُ الْحَدِيثُ عَنِ الرَّاوِي مِنْ وَجْهٍ مُعْضَلًا، وَمِنْ آخَرَ مُتَّصِلًا، كَحَدِيثِ مَالِكٍ الَّذِي فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لِلْمَمْلُوكِ طَعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ» ، فَهَذَا مُعْضَلٌ عَنْ مَالِكٍ ; لِكَوْنِهِ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ لَكِنْ خَارِجَ (الْمُوَطَّأِ) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِهِ.
وَنَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ الصَّلَاحِ: وَكَذَلِكَ مَا يَرْوِيهِ مَنْ دُونَ تَابِعِ التَّابِعِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَغَيْرِهِمَا ; يَعْنِي عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ بِخُصُوصِهِ لَوْ لَمْ نَعْلَمْ كَوْنَ السَّاقِطِ مِنْهُ اثْنَيْنِ لَمْ يَسُغِ التَّمْثِيلُ بِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ مُنْقَطِعٌ عَلَى رَأْيِ الْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ يُسَمِّي الْمُبْهَمَ مُنْقَطِعًا، أَوْ مُتَّصِلٌ فِي إِسْنَادِهِ مَجْهُولٌ ; لِأَنَّ قَوْلَ مَالِكٍ: (بَلَغَنِي) يَقْتَضِي ثُبُوتَ مُبَلِّغٍ، وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ وَاحِدًا.
(وَمِنْهُ) أَيْ: وَمِنَ الْمُعْضَلِ، (قِسْمٌ ثَانِ) : وَهُوَ (حَذْفُ النَّبِيِّ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَالصَّحَابِيِّ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (مَعَا، وَوَقْفُ مَتْنِهِ عَلَى مَنْ تَبِعَا) أَيْ: عَلَى التَّابِعِيِّ ; كَقَوْلِ الْأَعْمَشِ عَنِ الشَّعْبِيِّ: " يُقَالُ لِلرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: عَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا عَمِلْتُهُ، فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ، فَتَنْطِقُ جَوَارِحُهُ أَوْ لِسَانُهُ ; فَيَقُولُ لِجَوَارِحِهِ: أَبْعَدَكُنَّ اللَّهُ مَا خَاصَمْتُ إِلَّا فِيكُنَّ ". أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ.
وَقَالَ عَقِبَهُ: أَعْضَلَهُ الْأَعْمَشُ، وَهُوَ عِنْدَ الشَّعْبِيِّ مُتَّصِلٌ مُسْنَدٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute