تَقْدِيرُهُ عَنْ قِصَّةِ فُلَانٍ، وَلَهُ أَمْثِلَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْ أَبْيَنِهَا مَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ فِي تَأْرِيخِهِ: ثَنَا أَبِي، ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، ثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ - هُوَ السَّبِيعِيُّ - عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ - يَعْنِي عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ - أَنَّهُ خَرَجَ عَلَيْهِ خَوَارِجُ فَقَتَلُوهُ.
قَالَ شَيْخُنَا: فَهَذَا لَمْ يُرِدْ أَبُو إِسْحَاقَ بِقَوْلِهِ: " عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ " أَنَّهُ أَخْبَرَهُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ لَقِيَهُ وَسَمِعَ مِنْهُ ; لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ حَدَّثَهُ بِهِ بَعْدَ قَتْلِهِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ تَقْدِيرُهُ: عَنْ قِصَّةِ أَبِي الْأَحْوَصِ.
وَقَدْ رَوَى ذَلِكَ النَّسَائِيُّ فِي الْكُنَى مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ آدَمَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ يَقُولُ: خَرَجَ أَبُو الْأَحْوَصِ إِلَى الْخَوَارِجِ فَقَاتَلَهُمْ فَقَتَلُوهُ.
وَلِذَا قَالَ مُوسَى بْنُ هَارُونَ - فِيمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ عَنْهُ -: كَانَ الْمَشْيَخَةُ الْأُولَى جَائِزًا عِنْدَهُمْ أَنْ يَقُولُوا: عَنْ فُلَانٍ، وَلَا يُرِيدُونَ بِذَلِكَ الرِّوَايَةَ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ عَنْ قِصَّةِ فُلَانٍ، (وَحُكْمُ أَنَّ) بِالتَّشْدِيدِ وَالْفَتْحِ، وَقَدْ تَكُونُ مَكْسُورَةً.
(حُكْمُ عَنْ) فِيمَا تَقَدَّمَ (فَالْجُلُّ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ، أَيِ: الْمُعْظَمُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَمِنْهُمْ مَالِكٌ كَمَا حَكَاهُ عَنْهُمُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ (سَوَّوْا) بَيْنَهُمَا، وَأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِالْحُرُوفِ وَالْأَلْفَاظِ، وَإِنَّمَا هُوَ بِاللِّقَاءِ وَالْمُجَالَسَةِ وَالسَّمَاعِ يَعْنِي مَعَ السَّلَامَةِ مِنَ التَّدْلِيسِ، فَإِذَا كَانَ سَمَاعُ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ صَحِيحًا.
كَانَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ بِأَيِّ لَفْظٍ وَرَدَ مَحْمُولًا عَلَى الِاتِّصَالِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ فِيهِ الِانْقِطَاعُ، يَعْنِي مَا لَمْ يُعْلَمِ اسْتِعْمَالُهُ خِلَافَهُ كَمَا سَيَأْتِي، وَيَتَأَيَّدُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ " أَنَّ " وَ " عَنْ " بِأَنَّ لُغَةَ بَنِي تَمِيمٍ إِبْدَالُ الْعَيْنِ مِنَ الْهَمْزَةِ (وَ) لَكِنَّ (لِلْقَطْعِ) وَعَدَمِ اتِّصَالِ السَّنَدِ الْآتِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute