للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

: " عَمَّارٌ " (كَذَا لَهُ) أَيْ: لِابْنِ الصَّلَاحِ ; حَيْثُ فَهِمَ الْفَرْقَ بَيْنَ الصِّيغَتَيْنِ مِنْ مُجَرَّدِهِمَا.

(وَلَمْ يُصَوِّبْ) أَيْ لَمْ يُعَرِّجْ (صَوْبَهُ) أَيْ: صَوْبَ مَقْصِدِ يَعْقُوبَ فِي الْفَرْقِ ; وَذَلِكَ أَنَّ حُكْمَهُ عَلَيْهِ بِالْإِرْسَالِ إِنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ أَضَافَ إِلَى الصِّيغَةِ الْفِعْلَ الَّذِي لَمْ يُدْرِكْهُ مُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ أَحَدُ التَّابِعِينَ، وَهُوَ مُرُورُ عَمَّارٍ ; إِذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ: إِنَّ عَمَّارًا مَرَّ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ إِنَّ النَّبِيَّ مَرَّ بِعَمَّارٍ، فَكِلَاهُمَا سَوَاءٌ فِي ظُهُورِ الْإِرْسَالِ، بِخِلَافِ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى، فَإِنَّهُ حَكَاهَا عَنْ عَمَّارٍ فَكَانَتْ مُتَّصِلَةً، وَلَوْ كَانَ أَضَافَ لِـ " أَنَّ " الْقَوْلَ كَأَنْ يَقُولَ: عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، إِنَّ عَمَّارًا قَالَ: مَرَرْتُ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَكَانَ ظَاهِرَ الِاتِّصَالِ أَيْضًا.

وَقَدْ صَرَّحَ الْبَيْهَقِيُّ فِي تَعْلِيلِ الْحُكْمِ بِالِانْقِطَاعِ فِيمَا يُشْبِهُ هَذَا بِذَلِكَ ; فَإِنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ: «إِنَّ طَلْقًا سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الرَّجُلِ يَمَسُّ ذَكَرَهُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ: " لَا بَأْسَ بِهِ، إِنَّمَا هُوَ كَبَعْضِ جَسَدِهِ» . هَذَا مُنْقَطِعٌ ; لِأَنَّ قَيْسًا لَمْ يَشْهَدْ سُؤَالَ طَلْقٍ.

(قُلْتُ) وَبِالْجُمْلَةِ (الصَّوَابُ مَنْ أَدْرَكَ) [لُقِيًّا أَوْ إِمْكَانًا كَمَا مَرَّ] (مَا رَوَاهُ) مِنْ قِصَّةٍ أَوْ وَاقِعَةٍ (بِالشَّرْطِ الَّذِي تَقَدَّمَا) وَهُوَ السَّلَامَةُ مِنَ التَّدْلِيسِ فِيمَنْ دُونَ الصَّحَابِيِّ، (يُحْكَمْ) بِسُكُونِ الْمِيمِ (لَهُ) أَيْ: لِحَدِيثِهِ (بِالْوَصْلِ كَيْفَ مَا رَوَى بِـ " قَالَ " أَوْ) بِـ (" عَنْ " أَوْ بِـ " أَنَّ ") وَكَذَا ذَكَرَ، وَفَعَلَ، وَحَدَّثَ، وَكَانَ يَقُولُ، وَمَا جَانَسَهَا.

(فَ) كُلُّهَا (سَوَا) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْقَصْرِ لِلضَّرُورَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سَكَّنَ الْهَمْزَةَ ثُمَّ أَبْدَلَهَا أَلِفًا، وَهِيَ لُغَةٌ فَصِيحَةٌ جَاءَ بِهَا الْقُرْآنُ.

وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِالتَّسْوِيَةِ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَكِنْ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَنْ لَمْ يُعْلَمْ لَهُ اسْتِعْمَالُ خِلَافِهِ كَالْبُخَارِيِّ، فَإِنَّهُ قَدْ يُورِدُ الْحُكْمَ بِالِاتِّصَالِ عَنْ شُيُوخِهِ بِـ " قَالَ " مَا يَرْوِيهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِوَاسِطَةٍ عَنْهُمْ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي التَّعْلِيقِ، وَبِمَنْ عَدَا الْمُتَأَخِّرِينَ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>