للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَهْدِيٍّ، وَالْقَطَّانِ، وَأَحْمَدَ، وَالْبُخَارِيِّ - عَدَمُ اطِّرَادِ حُكْمٍ كُلِّيٍّ.

بَلْ ذَلِكَ دَائِرٌ مَعَ التَّرْجِيحِ، فَتَارَةً يَتَرَجَّحُ الْوَصْلُ، وَتَارَةً الْإِرْسَالُ، وَتَارَةً يَتَرَجَّحُ عَدَدُ الذَّوَاتِ عَلَى الصِّفَاتِ، وَتَارَةً الْعَكْسُ، وَمَنْ رَاجَعَ أَحْكَامَهُمُ الْجُزْئِيَّةَ تَبَيَّنَ لَهُ ذَلِكَ، وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ لَمْ يَحْكُمْ لَهُ الْبُخَارِيُّ بِالْوَصْلِ ; لِمُجَرَّدِ أَنَّ الْوَاصِلَ مَعَهُ زِيَادَةٌ، بَلْ لِمَا انْضَمَّ لِذَلِكَ مِنْ قَرَائِنَ رَجَّحَتْهُ.

كَكَوْنِ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ وَابْنَيْهِ إِسْرَائِيلَ وَعِيسَى رَوَوْهُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ مَوْصُولًا، وَلَا شَكَّ أَنَّ آلَ الرَّجُلِ أَخَصُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِمْ، لَا سِيَّمَا وَإِسْرَائِيلُ قَالَ فِيهِ ابْنُ مَهْدِيٍّ: إِنَّهُ كَانَ يَحْفَظُ حَدِيثَ جَدِّهِ كَمَا يَحْفَظُ سُورَةَ الْحَمْدِ.

وَلِذَلِكَ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ. وَوَافَقَهُمْ عَلَى الْوَصْلِ عَشْرَةٌ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي إِسْحَاقَ [مِمَّنْ سَمِعَهُ] مِنْ لَفْظِهِ، وَاخْتَلَفَتْ مَجَالِسُهُمْ فِي الْأَخْذِ عَنْهُ، كَمَا جَزَمَ بِهِ التِّرْمِذِيُّ.

وَأَمَّا شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ فَكَانَ أَخْذُهُمَا لَهُ عَنْهُ عَرْضًا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ ; لِمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ الطَّيَالِسِيِّ، ثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْتُ الثَّوْرِيَّ سَأَلَ أَبَا إِسْحَاقَ، أَسَمِعْتَ أَبَا بُرْدَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ» ؟ فَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: نَعَمْ. وَلَا يَخْفَى رُجْحَانُ الْأَوَّلِ، هَذَا إِذَا قُلْنَا: حِفْظُ الثَّوْرِيِّ وَشُعْبَةَ فِي مُقَابِلِ عَدَدِ الْآخَرِينَ، مَعَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: الْعَدَدُ الْكَثِيرُ أَوْلَى بِالْحِفْظِ مِنَ الْوَاحِدِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>