للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَنَّهُ نَادِرٌ فَالْحُذَّاقُ لَا يَخْفَى ذَلِكَ عَنْهُمْ غَالِبًا، فَإِنْ جُهِلَ كَانَ مِنْ لَازِمِهِ تَضْيِيعُ الْمَرْوِيِّ أَيْضًا، بَلْ قَدْ يَتَّفِقُ أَنْ يُوَافِقَ مَا دَلَّسَ بِهِ شُهْرَةَ رَاوٍ ضَعِيفٍ مِنْ أَهْلِ طَبَقَتِهِ، وَيَكُونَ الْمُدَلِّسُ ثِقَةً، وَكَذَا بِالْعَكْسِ، وَهُوَ فِيهِ أَشَدُّ.

وَبِهَذَا وَكَذَا بِأَوَّلِ الْمَقَاصِدِ بِهَذَا الْقِسْمِ قَدْ يُنَازَعُ فِي كَوْنِهِ دُونَ الَّذِي قَبْلَهُ، وَلَكِنَّ الْحَقَّ أَنَّ هَذَا قَلَّ أَنْ يَخْفَى عَلَى النُّقَّادِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ، وَيُعْرَفُ كُلٌّ مِنَ التَّدْلِيسِ وَاللِّقَاءِ بِإِخْبَارِهِ أَوْ بِجَزْمِ بَعْضِ النُّقَّادِ، كَمَا سَيَأْتِي فِي خَفِيِّ الْإِرْسَالِ (وَالشَّافِعِيْ) بِالْإِسْكَانِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (أَثْبَتَهُ) أَيْ: أَصْلَ التَّدْلِيسِ لَا خُصُوصَ هَذَا الْقِسْمِ لِلرَّاوِي.

(بِمَرَّةٍ) ، وَعِبَارَتُهُ: " وَمَنْ عَرَفْنَاهُ دَلَّسَ مَرَّةً، فَقَدْ أَبَانَ لَنَا عَوْرَتَهُ فِي رِوَايَتِهِ، وَلَيْسَتْ تِلْكَ الْعَوْرَةُ بِكَذِبٍ فَيُرَدُّ بِهَا حَدِيثُهُ " إِلَى آخِرِ كَلَامِهِ.

وَحَكَاهُ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا: فَقَالَ: " مَنْ عُرِفَ بِالتَّدْلِيسِ مَرَّةً، لَا يُقْبِلُ مِنْهُ مَا يُقْبِلُ مِنْ أَهْلِ النَّصِيحَةِ فِي الصِّدْقِ، حَتَّى يَقُولَ: حَدَّثَنِي أَوْ سَمِعْتُ، كَذَلِكَ ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ ". انْتَهَى.

وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ بِثُبُوتِ تَدْلِيسِهِ مَرَّةً، صَارَ ذَلِكَ هُوَ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِهِ فِي مُعَنْعَنَاتِهِ، كَمَا أَنَّهُ بِثُبُوتِ اللِّقَاءِ مَرَّةً صَارَ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِهِ السَّمَاعَ.

وَكَذَا مَنْ عُرِفَ بِالْكَذِبِ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ صَارَ الْكَذِبُ هُوَ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِهِ، وَسَقَطَ الْعَمَلُ بِجَمِيعِ حَدِيثِهِ مَعَ جَوَازِ كَوْنِهِ صَادِقًا فِي بَعْضِهِ.

(قُلْتُ: وَشَرُّهَا) أَيْ: أَنْوَاعِ التَّدْلِيسِ، حَتَّى مَا ذَكَرَ ابْنُ الصَّلَاحِ أَنَّهُ شَرُّهُ (أَخُو) أَيْ: صَاحِبُ (التَّسْوِيَةِ) الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ الْخَطِيبُ بِقَوْلِهِ: " وَرُبَّمَا لَمْ يُسْقِطِ الْمُدَلِّسُ اسْمَ شَيْخِهِ الَّذِي حَدَّثَهُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>