للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هَذَا أَكْبَرُ مِنَ الزُّهْرِيِّ، وَهُوَ مَعْرُوفٌ بِالرِّوَايَةِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فَلَمَّا وُجِدَ الْحَدِيثُ مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادٍ وَغَيْرِهِ عَنْهُ، كَانَ ظَاهِرُهُ الصِّحَّةَ.

وَاعْتَضَدَ بِذَلِكَ مَا رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَتَرَجَّحَ بِهِ مَا رَوَاهُ نَافِعٌ، ثُمَّ فَتَّشْنَا فَبَانَ أَنَّ عِكْرِمَةَ سَمِعَهُ مِمَّنْ هُوَ أَصْغَرُ مِنْهُ وَهُوَ الزُّهْرِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنَ ابْنِ عُمَرَ، إِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ سَالِمٍ، فَوَضَحَ أَنَّ رِوَايَةَ حَمَّادٍ مُدَلَّسَةٌ أَوْ مُسَوَّاةٌ.

وَرَجَعَ هَذَا الْإِسْنَادُ الَّذِي كَانَ يُمْكِنُ الِاعْتِضَادُ بِهِ إِلَى الْإِسْنَادِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ بِالْوَهْمِ.

وَكَانَ سَبَبُ حُكْمِهِمْ عَلَيْهِ بِذَلِكَ كَوْنَ سَالِمٍ أَوْ مَنْ دُونَهُ سَلَكَ الْجَادَّةَ ; فَإِنَّ الْعَادَةَ فِي الْغَالِبِ أَنَّ الْإِسْنَادَ إِذَا انْتَهَى إِلَى الصَّحَابِيِّ قِيلَ بَعْدَهُ: عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَلَمَّا جَاءَ هُنَا بَعْدَ الصَّحَابِيِّ ذِكْرُ صَحَابِيٍّ آخَرَ، وَالْحَدِيثُ مِنْ قَوْلِهِ - كَانَ ظَنًّا غَالِبًا عَلَى أَنَّ مَنْ ضَبَطَهُ هَكَذَا أَتْقَنُ ضَبْطًا.

[عِلَّةُ السَّنَدِ وَأَمْثِلَتُهَا] : (وَهِيَ) أَيِ الْعِلَّةُ الْخَفِيَّةُ (تَجِيءُ غَالِبًا فِي السَّنَدِ) أَيْ: وَقَلِيلًا فِي الْمَتْنِ، فَالَّتِي فِي السَّنَدِ (تَقْدَحُ فِي) قَبُولِ (الْمَتْنِ بِقَطْعِ مُسْنَدِ) مُتَّصِلٍ (أَوْ) بِـ (وَقْفِ مَرْفُوعٍ) ، أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَوَانِعِ الْقَبُولِ، وَذَلِكَ لَازِمٌ إِنْ كَانَتْ مِنْ جِهَةِ الِاخْتِلَافِ عَلَى رَاوِي الْحَدِيثِ الَّذِي لَا يُعْرَفُ مِنْ غَيْرِ جِهَتِهِ وَلَمْ يُمْكِنِ الْجَمْعُ، وَرَاوِيهَا أَرْجَحُ وَلَوْ فِي شَيْءٍ خَاصٍّ.

وَكَذَا إِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ رَاوِيَ الطَّرِيقِ الْفَرْدِ لَمْ يَسْمَعْ مِمَّنْ فَوْقَهُ مَعَ مُعَاصَرَتِهِ لَهُ ; كَحَدِيثِ أَشْعَثَ بْنِ سَوَّارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، فَإِنَّ ابْنَ سِيرِينَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ تَمِيمٍ ; لِأَنَّ مَوْلِدَهُ لِسَنَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ خِلَافَةِ عُثْمَانَ، وَكَانَ قَتْلُ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ خَمْسٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>