للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَدْ قَالَ بِهَذَا عِدَّةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ التَّابِعِينَ، رَأَوُا الْجَهْرَ بِبَسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَبِهِ يَقُولُ الشَّافِعِيُّ.

[أُمُورٌ يُعَلُّ بِهَا الْحَدِيثِ] : (وَكَثُرَ) مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ حَسَبَ مَا يَقَعُ فِي كُتُبِ الْعِلَلِ وَغَيْرِهَا (التَّعْلِيلُ) كَمَا عَبَّرَ بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ، أَوِ الْإِعْلَالُ كَمَا لِغَيْرِهِ (بِالْإِرْسَالِ) الظَّاهِرِ (لِلْوَصْلِ) وَبِالْوَقْفِ لِلرَّفْعِ (إِنْ يَقْوَ) الْإِرْسَالُ، وَكَذَا الْوَقْفُ بِكَوْنِ رَاوِيهِ أَضْبَطَ أَوْ أَكْثَرَ عَدَدًا (عَلَى اتِّصَالٍ) وَرَفْعٍ، وَذَلِكَ مَعَ كَوْنِهِ مُؤَيِّدًا ; لِأَنَّ الْقَوْلَ بِتَقْدِيمِ الْوَصْلِ إِنَّمَا هُوَ فِيمَا لَمْ يَظْهَرْ فِيهِ تَرْجِيحٌ، كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي بَابِهِ - مُنَافٍ لِتَعْرِيفِ الْعِلَّةِ.

وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ قَصْدَهُمْ جَمْعُ مُطْلَقِ الْعِلَّةِ خَفِيَّةً كَانَتْ أَوْ ظَاهِرَةً، لَا سِيَّمَا وَهُوَ يُفِيدُ الْإِرْشَادَ لِبَيَانِ الرَّاجِحِ مِنْ غَيْرِهِ بِجَمْعِ الطُّرُقِ، فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: الْبَابُ إِذَا لَمْ تُجْمَعْ طُرُقُهُ لَمْ يَتَبَيَّنْ خَطَؤُهُ.

وَكَانَ بَعْضُ الْحُفَّاظِ يَقُولُ: إِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْحَدِيثِ عِنْدِي مِائَةُ طَرِيقٍ، فَأَنَا فِيهِ يَتِيمٌ. وَسَيَأْتِي شَيْءٌ مِنْ هَذَا فِي آدَابِ طَالِبِ الْحَدِيثِ.

وَيَحْتَمِلُ أَنَّ التَّعْلِيلَ بِالْإِرْسَالِ مِنَ الْخَفِيِّ لِخَفَاءِ الْقَرَائِنِ الْمُرَجِّحَةِ لَهُ غَالِبًا (وَقَدْ يُعِلُّونَ) أَيْ: أَهْلُ الْحَدِيثِ - كَمَا فِي كُتُبِهِمْ - أَيْضًا الْحَدِيثَ (بِكُلِّ قَدْحٍ) ظَاهِرٍ (فِسْقٍ) فِي رَاوِيهِ بِكَذِبٍ أَوْ غَيْرِهِ.

(وَغَفْلَةٍ) مِنْهُ (وَنَوْعِ جَرْحٍ) فِيهِ ; كَسُوءِ حِفْظٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الْوُجُودِيَّةِ الَّتِي يَأْبَاهَا أَيْضًا كَوْنُ الْعِلَّةِ خَفِيَّةً، وَلِذَا صَرَّحَ الْحَاكِمُ بِامْتِنَاعِ الْإِعْلَالِ بِالْجَرْحِ وَنَحْوِهِ ; فَإِنَّ حَدِيثَ الْمَجْرُوحِ سَاقِطٌ وَاهٍ، وَلَا يُعَلُّ الْحَدِيثُ

<<  <  ج: ص:  >  >>