عَلَى أَنَّهُ قَدِ اخْتُلِفَ عَلَى الْأَعْمَشِ أَيْضًا فِي إِثْبَاتِ عَمْرٍو وَحَذْفِهِ.
وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ فِي هَذَا الْمِثَالِ مِنَ الْمَزِيدِ فِي مُتَّصِلِ الْأَسَانِيدِ ; لِكَوْنِ شَقِيقٍ رَوَى عَنْ كُلٍّ مِنْ عَمْرٍو وَابْنِ مَسْعُودٍ، لَكِنْ قَدْ يَتَضَمَّنُ ارْتِكَابُ مِثْلِ هَذَا الصَّنِيعِ إِيهَامَ وَصْلِ مُرْسَلٍ، أَوِ اتِّصَالِ مُنْقَطِعٍ، وَمَا أَحْسَنَ مُحَافَظَةَ الْإِمَامِ مُسْلِمٍ عَلَى التَّحَرِّي فِي ذَلِكَ، وَكَذَا شَيْخُهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ.
وَمِنْ أَقْسَامِ مُدْرَجِ الْإِسْنَادِ أَيْضًا وَهُوَ رَابِعٌ أَوْ خَامِسٌ أَلَّا يَذْكُرَ الْمُحَدِّثُ مَتْنَ الْحَدِيثِ، بَلْ يَسُوقَ إِسْنَادَهُ فَقَطْ، ثُمَّ يَقْطَعَهُ قَاطِعٌ فَيَذْكُرُ كَلَامًا فَيَظُنُّ بَعْضُ مَنْ سَمِعَهُ أَنَّ ذَلِكَ الْكَلَامَ هُوَ مَتْنُ ذَلِكَ الْإِسْنَادِ.
وَلَهُ أَمْثِلَةٌ، مِنْهُمَا قِصَّةُ ثَابِتِ بْنِ مُوسَى الزَّاهِدِ مَعَ شَرِيكٍ الْقَاضِي، فَقَدْ جَزَمَ ابْنُ حِبَّانَ بِأَنَّهُ مِنَ الْمُدْرَجِ، وَمَثَّلَ بِهَا ابْنُ الصَّلَاحِ لِشَبَهِ الْوَضْعِ كَمَا سَيَأْتِي (وَعَمْدُ) أَيْ: تَعَمُّدُ (الْإِدْرَاجِ لَهَا) أَيْ: لِكُلِّ الْأَقْسَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمَتْنِ وَالسَّنَدِ (مَحْظُورٌ) أَيْ: حَرَامٌ ; لِمَا يَتَضَمَّنُ مِنْ عَزْوِ الشَّيْءِ لِغَيْرِ قَائِلِهِ، وَأَسْوَأُهُ مَا كَانَ فِي الْمَرْفُوعِ مِمَّا لَا دَخْلَ لَهُ فِي الْغَرِيبِ الْمُتَسَامَحِ فِي خَلْطِهِ، أَوِ الِاسْتِنْبَاطِ.
وَقَدْ صَنَّفَ الْخَطِيبُ فِي هَذَا النَّوْعِ كِتَابًا سَمَّاهُ (الْفَصْلَ لِلْوَصْلِ الْمُدْرَجِ فِي النَّقْلِ) وَلَخَّصَهُ شَيْخُنَا مَعَ تَرْتِيبِهِ لَهُ عَلَى الْأَبْوَابِ، وَزِيَادَةٍ لِعِلَلٍ وَعَزْوٍ، وَسَمَّاهُ (تَقْرِيبَ الْمَنْهَجِ بِتَرْتِيبِ الْمُدْرَجِ) ، وَقَالَ فِيهِ: إِنَّهُ وَقَعَتْ لَهُ جُمْلَةُ أَحَادِيثَ عَلَى شَرْطِ الْخَطِيبِ، وَإِنَّهُ عَزَمَ عَلَى جَمْعِهَا وَتَحْرِيرِهَا وَإِلْحَاقِهَا بِهَذَا الْمُخْتَصَرِ أَوْ فِي آخِرِهِ مُفْرَدَةً كَالذَّيْلِ. وَكَأَنَّهُ لَمْ يُبَيِّضْهَا فَمَا رَأَيْتُهَا بَعْدُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute