الْمَنْعِ مِنْ تَسْمِيَتِهِ مَوْضُوعًا، وَلَكِنَّ الَّذِي قَرَّرَهُ شَيْخُنَا خِلَافُهُ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَقَدْ يُعْرَفُ الْوَضْعُ بِإِقْرَارِ وَاضِعِهِ.
قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: لَكِنْ لَا يُقْطَعُ بِذَلِكَ ; لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ كَذَبَ فِي ذَلِكَ الْإِقْرَارِ، قَالَ: وَفَهِمَ مِنْهُ بَعْضُهُمْ - أَيْ كَابْنِ الْجَزَرِيِّ -، أَنَّهُ لَا يُعْمَلُ بِذَلِكَ الْإِقْرَارِ أَصْلًا، وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادَهُ، وَإِنَّمَا نَفَى الْقَطْعَ بِذَلِكَ ; وَلَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْقَطْعِ نَفْيُ الْحُكْمِ ; لِأَنَّ الْحُكْمَ يَقَعُ بِالظَّنِّ الْغَالِبِ، وَهُوَ هُنَا كَذَلِكَ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا سَاغَ قَتْلُ الْمُقِرِّ بِالْقَتْلِ، وَلَا رَجْمُ الْمُعْتَرِفِ بِالزِّنَا ; لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَا كَاذِبَيْنِ فِيمَا اعْتَرَفَا بِهِ.
زَادَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَكَذَا حُكْمُ الْفُقَهَاءِ عَلَى مَنْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ شَهِدَ بِالزُّورِ بِمُقْتَضَى اعْتِرَافِهِ، وَقَالَ أَيْضًا رَدًّا عَلَى مَنْ تَوَقَّفَ فِي كَلَامِ ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ فَقَالَ: فِيهِ بَعْضُ مَا فِيهِ، وَنَحْنُ لَوْ فَتَحْنَا بَابَ التَّجْوِيزِ وَالِاحْتِمَالِ، لَوَقَعْنَا فِي الْوَسْوَسَةِ وَغَيْرِهَا - مَا نَصُّهُ: لَيْسَ فِي هَذَا وَسْوَسَةٌ، بَلْ هُوَ فِي غَايَةِ التَّحْقِيقِ.
وَابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ نَفَى الْقَطْعَ بِكَوْنِهِ مَوْضُوعًا بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ، لَا الْحُكْمَ بِكَوْنِهِ مَوْضُوعًا ; لِأَنَّهُ إِذَا أَقَرَّ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ، فَيُحْكَمُ بِكَوْنِ الْحَدِيثِ مَوْضُوعًا، أَمَّا إِنَّهُ يُقْطَعُ بِذَلِكَ فَلَا.
قُلْتُ: وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ مَا قَرَّرْتُهُ، وَلَا يُنَازِعُ فِيهِ الْفُرُوعُ الْمَذْكُورَةُ.
وَكَذَا تَعَقَّبَ شَيْخُنَا شَيْخَهُ الشَّارِحَ ; حَيْثُ مَثَّلَ فِي النُّكَتِ لِقَوْلِ ابْنِ الصَّلَاحِ: أَوْ مَا يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ إِقْرَارِهِ، بِمَا إِذَا حَدَّثَ عَنْ شَيْخٍ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ مَوْلِدَهُ فِي تَأْرِيخٍ يُعْلَمُ تَأَخُّرُهُ عَنْ وَفَاةِ ذَاكَ الشَّيْخِ ; لِجَرَيَانِ الِاحْتِمَالِ الْمَذْكُورِ أَيْضًا، فَيَجُوزُ أَنْ يُكْذَبَ فِي تَأْرِيخِ مَوْلِدِهِ، بَلْ يَجُوزُ أَنْ يُغْلَطَ فِي التَّأْرِيخِ، وَيَكُونَ فِي نَفْسِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute