إِدْرَاجِهِ آخِرَهَا فِي الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: إِنَّهُ لَمْ يَشْرُطْهَا، فِيمَا ذَكَرَ الْخَطِيبُ وَغَيْرُهُ، سِوَى الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ، لَكِنَّهُ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْعَدَالَةَ لَا تَتِمُّ عِنْدَ كُلِّ مَنْ شَرَطَهَا - وَهُمْ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ - بِدُونِهَا، بَلْ مَنْ لَمْ يَشْرُطْ مَزِيدًا عَلَى الْإِسْلَامِ، وَاكْتَفَى بِعَدَمِ ثُبُوتِ مَا يُنَافِي الْعَدَالَةَ، وَأَنَّ مَنْ ظَهَرَ مِنْهُ مَا يُنَافِيهَا لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ وَلَا رِوَايَتُهُ، قَدْ لَا يُنَافِيهِ.
نَعَمْ قَدْ حَقَّقَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّ الَّذِي تَجَنَّبَهُ مِنْهَا شَرْطٌ فِي الْعَدَالَةِ، وَارْتِكَابُهُ مُفْضٍ إِلَى الْفِسْقِ: مَا سَخُفَ مِنَ الْكَلَامِ الْمُؤْذِي وَالضَّحِكِ، وَمَا قَبُحَ مِنَ الْفِعْلِ الَّذِي يَلْهُو بِهِ وَيُسْتَقْبَحُ بِمَعَرَّتِهِ، كَنَتْفِ اللِّحْيَةِ وَخِضَابِهَا بِالسَّوَادِ، وَكَذَا الْبَوْلُ قَائِمًا، يَعْنِي فِي الطَّرِيقِ، وَبِحَيْثُ يَرَاهُ النَّاسُ، وَفِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ، وَكَشْفُ الْعَوْرَةِ إِذَا خَلَا، وَالتَّحَدُّثُ بِمَسَاوِئِ النَّاسِ.
وَأَمَّا مَا لَيْسَ بِشَرْطٍ فَكَعَدَمِ الْإِفْضَالِ بِالْمَاءِ وَالطَّعَامِ، وَالْمُسَاعَدَةِ بِالنَّفْسِ وَالْجَاهِ، وَكَذَا الْأَكْلُ فِي الطَّرِيقِ، وَكَشْفُ الرَّأْسِ بَيْنَ النَّاسِ، وَالْمَشْيُ حَافِيًا، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مَنْشَأَ الِاخْتِلَافِ، وَلَكِنْ فِي بَعْضِ مَا ذَكَرَهُ مِنَ الشِّقَّيْنِ نَظَرٌ.
وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ الزِّنْجَانِيِّ فِي شَرْحِ (الْوَجِيزِ) : " الْمُرُوءَةُ يُرْجَعُ فِي مَعْرِفَتِهَا إِلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute