للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَصْلًا بَاطِلًا، وَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ حَقٌّ، وَتَبِعَهُ ابْنُ جَمَاعَةَ. وَمِنْ هُنَا نَشَأَ الِاخْتِلَافُ فِيمَا لَوْ شَهِدَ خَطَّابِيٌّ وَذَكَرَ فِي شَهَادَتِهِ مَا يَقْطَعُ احْتِمَالَ الِاعْتِمَادِ فِيهَا عَلَى قَوْلِ الْمُدَّعِي، بِأَنْ قَالَ: سَمِعْتُ فُلَانًا يُقِرُّ بِكَذَا لِفُلَانٍ، أَوْ رَأَيْتُهُ أَقْرَضَهُ، فِي الْقَبُولِ وَالرَّدِّ.

وَعَنِ الرَّبِيعِ، سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى قَدَرِيًّا، قِيلَ لِلرَّبِيعِ: فَمَا حَمَلَ الشَّافِعِيَّ عَلَى أَنْ رَوَى عَنْهُ؟ قَالَ: كَانَ يَقُولُ: لَأَنْ يَخِرَّ إِبْرَاهِيمُ مِنْ بُعْدٍ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَكْذِبَ، وَكَانَ ثِقَةً فِي الْحَدِيثِ.

وَلِذَا قِيلَ كَمَا قَالَهُ الْخَلِيلِيُّ فِي الْإِرْشَادِ: إِنَّ الشَّافِعِيَّ كَانَ يَقُولُ: حَدَّثَنَا الثِّقَةُ فِي حَدِيثِهِ، الْمُتَّهَمُ فِي دِينِهِ.

قَالَ الْخَطِيبُ: وَحُكِيَ أَيْضًا أَنَّ هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ. وَنَحْوُهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، بَلْ حَكَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمَدْخَلِ عَنْ أَكْثَرِ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ.

وَقَالَ الْفَخْرُ الرَّازِيُّ فِي الْمَحْصُولِ: إِنَّهُ الْحَقُّ. وَرَجَّحَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ. وَقِيلَ: يُقْبَلُ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ الدَّاعِيَةُ وَغَيْرُهُ كَمَا سَيَأْتِي ; لِأَنَّ تَدَيُّنَهُ وَصِدْقَ لَهْجَتِهِ يَحْجِزُهُ عَنِ الْكَذِبِ، وَخَصَّهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إِذَا كَانَ الْمَرْوِيُّ يَشْتَمِلُ عَلَى مَا تُرَدُّ بِهِ بِدْعَتُهُ ; لِبُعْدِهِ حِينَئِذٍ عَنِ التُّهَمَةِ جَزْمًا، وَكَذَا خَصَّهُ بَعْضُهُمْ بِالْبِدْعَةِ الصُّغْرَى ;

<<  <  ج: ص:  >  >>