حَسْبَمَا قَيَّدَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ بِهَذَا اللَّفْظِ، إِلَّا بَعْدَ مُقَابَلَتِهِ أَوْ تَصْرِيحِ الْمُخَرِّجِ بِذَلِكَ.
(إِذْ) قَدْ (خَالَفَتِ) الْمُسْتَخْرَجَاتُ (لَفْظًا) كَثِيرًا لِتَقَيُّدِ مُؤَلِّفِيهَا بِأَلْفَاظِ رِوَايَاتِهِمْ (وَ) كَذَا (مَعْنًى) غَيْرَ مُنَافٍ (رُبَّمَا) خَالَفَتْ أَيْ: قَلِيلًا.
(وَ) إِذَا كَانَ كَذَلِكَ، فَانْظُرْ (مَا تَزِيدُ) بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقَانِيَّةِ، أَوِ التَّحْتَانِيَّةِ أَيِ: الْمُسْتَخْرَجَاتُ أَوِ الْمُسْتَخْرَجُ.
(فَاحْكُمَنْ) بِنُونِ التَّوْكِيدِ الْخَفِيفَةِ (بِصِحَّتِهِ) ، بِشَرْطِ ثُبُوتِ الصِّفَاتِ الْمُشْتَرَطَةِ فِي الصِّحَّةِ لِلرُّوَاةِ الَّذِينَ بَيْنَ الْمُخَرِّجِ وَالرَّاوِي الَّذِي اجْتَمَعَا فِيهِ، كَمَا يُرْشِدُ إِلَيْهِ التَّعْلِيلُ بِأَنَّهَا خَارِجَةٌ مِنْ مَخْرَجِ الصَّحِيحِ، فَالْمُسْتَخْرِجُونَ لَيْسَ جُلُّ قَصْدِهِمْ إِلَّا الْعُلُوَّ، يَجْتَهِدُونَ أَنْ يَكُونُوا هُمْ وَالْمُخَرَّجُ عَلَيْهِ سَوَاءً، فَإِنْ فَاتَهُمْ فَأَعْلَى مَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ - كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُ الْحُفَّاظِ - مِمَّا يُسَاعِدُهُ الْوِجْدَانُ.
وَقَدْ لَا يَتَهَيَّأُ لَهُمْ عُلُوٌّ فَيُورِدُونَهُ نَازِلًا، وَإِذَا كَانَ الْقَصْدُ إِنَّمَا هُوَ الْعُلُوُّ وَوَجَدُوهُ، فَإِنِ اتَّفَقَ فِيهِ شَرْطُ الصَّحِيحِ فَذَاكَ الْغَايَةُ، وَإِلَّا فَقَدْ حَصَلُوا عَلَى قَصْدِهِمْ، فَرُبَّ حَدِيثٍ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ بَعْضِ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ عَنْهُ مَثَلًا، فَأَوْرَدَهُ الْمُخَرِّجُ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ مِمَّنْ تُكُلِّمَ فِيهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِزِيَادَةٍ، فَلَا يُحْكَمُ لَهَا حِينَئِذٍ بِالصِّحَّةِ.
وَقَدْ خَرَّجَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي مُسْتَخْرَجِهِ لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ الْفَضْلِ الْمَخْزُومِيِّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَهُمْ، وَأَبُو نُعَيْمٍ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ زُبَالَةَ، وَقَدِ اتَّهَمُوهُ، وَإِذَا حَكَمْتَ بِالصِّحَّةِ بِشَرْطِهَا وَعَدَمِ مُنَافَاتِهَا، (فَهُوَ) أَيِ: الْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ لِلزِّيَادَةِ الدَّالَّةِ عَلَى حُكْمٍ لَا يَدُلُّ لَهُ حَدِيثُ الْأَصْلِ، أَوِ الْمُوَضِّحَةِ لِمَعْنَى لَفْظِهِ (مَعَ) مَا تَشْتَمِلُ عَلَيْهِ الْمُسْتَخْرَجَاتُ مِنَ (الْعُلُوِّ) الَّذِي هُوَ - كَمَا قُرِّرَ - قَصْدُ الْمُخَرِّجِ فِي أَحَادِيثَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute