للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمَا دَلَّ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِيهِ، كَمَا قَالَ شَيْخُنَا: قَالَ: وَأَصْرَحُ ذَلِكَ التَّعْبِيرُ بِ " أَفْعَلَ " كَأَكْذَبِ النَّاسِ، وَكَذَا قَوْلُهُمْ: إِلَيْهِ الْمُنْتَهَى فِي الْوَضْعِ، وَهُوَ رُكْنُ الْكَذِبِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَهَذِهِ هِيَ الْمَرْتَبَةُ الْأُولَى. ثُمَّ يَلِيهَا (كَذَّابٌ) ، أَوْ (يَضَعْ) الْحَدِيثَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ يَكْذِبُ، أَوْ (وَضَّاعٌ وَ) كَذَا (دَجَّالٌ) ، أَوْ (وَضَعْ) حَدِيثًا، وَآخِرُ هَذِهِ الصِّيَغِ أَسْهَلُهَا، بِخِلَافِ اللَّتَيْنِ قَبْلَهَا، وَكَذَا الْأُولَى ; فَإِنَّ فِيهَا نَوْعَ مُبَالَغَةٍ، لَكِنَّهَا دُونَ الْمَرْتَبَةِ الْأُولَى.

أَمَّا الصِّيغَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ فَهُمَا دَالَّتَانِ عُرْفًا عَلَى مُلَازَمَةِ الْوَضْعِ وَالْكَذِبِ، وَإِنَّمَا لَمْ تُرَتَّبْ أَلْفَاظُ كُلِّ مَرْتَبَةٍ مِنَ الْبَابَيْنِ لِلضَّرُورَةِ.

(وَبَعْدَهَا) أَيِ: الْمَرْتَبَةِ، ثَالِثَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا ذَكَرْتُهُ، وَهِيَ فُلَانٌ يَسْرِقُ الْحَدِيثَ ; فَإِنَّهَا - كَمَا قَالَ الذَّهَبِيُّ - أَهْوَنُ مِنْ وَضْعِهِ وَاخْتِلَافِهِ فِي الْإِثْمِ ; إِذْ سَرِقَةُ الْحَدِيثِ أَنْ يَكُونَ مُحَدِّثٌ يَنْفَرِدُ بِحَدِيثٍ، فَيَجِيءُ السَّارِقُ وَيَدَّعِي أَنَّهُ سَمِعَهُ أَيْضًا مِنْ شَيْخِ ذَاكَ الْمُحَدِّثِ.

قُلْتُ: أَوْ يَكُونُ الْحَدِيثُ عُرِفَ بِرَاوٍ، فَيُضِيفُهُ لِرَاوٍ غَيْرِهِ مِمَّنْ شَارَكَهُ فِي طَبَقَتِهِ، قَالَ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ مَنْ يَسْرِقُ الْأَجْزَاءَ وَالْكُتُبَ ; فَإِنَّهَا أَنْحَسُ بِكَثِيرٍ مِنْ سَرِقَةِ الرُّوَاةِ. وَفُلَانٌ (مُتَّهَمٌ بِالْكَذِبِ) ، أَوْ بِالْوَضْعِ (وَ) فُلَانٌ (سَاقِطٌ وَ) فُلَانٌ (هَالِكٌ فَاجْتَنِبِ) الرِّوَايَةَ، بَلِ الْأَخْذَ عَنْهُمْ (وَ) فُلَانٌ (ذَاهِبٌ) ، أَوْ ذَاهِبُ الْحَدِيثِ، وَفُلَانٌ (مَتْرُوكٌ) ، أَوْ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، أَوْ تَرَكُوهُ.

قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: سُئِلَ شُعْبَةُ: مَنِ الَّذِي يُتْرَكُ حَدِيثُهُ؟ قَالَ: مَنْ يُتَّهَمُ بِالْكَذِبِ، وَمَنْ يُكْثِرُ الْغَلَطَ، وَمَنْ يُخْطِئُ فِي حَدِيثٍ يُجْمَعُ عَلَيْهِ، فَلَا يَتَّهِمُ نَفْسَهُ وَيُقِيمُ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>