للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَسَنٌ غَيْرُ مُرْتَقٍ إِلَى الصَّحِيحِ.

وَمِمَّا يُنَبَّهُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُتَأَمَّلَ أَقْوَالُ الْمُزَكِّينَ وَمَخَارِجُهَا، فَقَدْ يَقُولُونَ: فُلَانٌ ثِقَةٌ أَوْ ضَعِيفٌ، وَلَا يُرِيدُونَ بِهِ أَنَّهُ مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ، وَلَا مِمَّنْ يُرَدُّ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ قُرِنَ مَعَهُ عَلَى وَفْقِ مَا وُجِّهَ إِلَى الْقَائِلِ مِنَ السُّؤَالِ، كَأَنْ يُسْأَلَ عَنِ الْفَاضِلِ الْمُتَوَسِّطِ فِي حَدِيثِهِ وَيُقْرَنُ بِالضُّعَفَاءِ، فَيُقَالُ: مَا تَقُولُ فِي فُلَانٍ، وَفُلَانٍ، وَفُلَانٍ؟ فَيَقُولُ: فُلَانٌ ثِقَةٌ، يُرِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ نَمَطِ مَنْ قُرِنَ بِهِ، فَإِذَا سُئِلَ عَنْهُ بِمُفْرَدِهِ بَيَّنَ حَالَهُ فِي التَّوَسُّطِ.

وَأَمْثِلَةُ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ لَا نُطِيلُ بِهَا، وَمِنْهَا قَالَ عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ: سَأَلْتُ ابْنَ مَعِينٍ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ كَيْفَ حَدِيثُهُمَا؟ فَقَالَ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، قُلْتُ: هُوَ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَوْ سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ؟ قَالَ: سَعِيدٌ أَوْثَقُ، وَالْعَلَاءُ ضَعِيفْ. فَهَذَا لَمْ يُرِدْ بِهِ ابْنُ مَعِينٍ أَنَّ الْعَلَاءَ ضَعِيفٌ مُطْلَقًا، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: إِنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّهُ ضَعِيفٌ بِالنِّسْبَةِ لِسَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ.

وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ أَكْثَرُ مَا وَرَدَ مِنِ اخْتِلَافِ كَلَامِ أَئِمَّةِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ، مِمَّنْ وَثَّقَ رَجُلًا فِي وَقْتٍ وَجَرَّحَهُ فِي آخَرَ، فَيَنْبَغِي لِهَذَا حِكَايَةُ أَقْوَالِ أَهْلِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ بِنَصِّهَا ; لِيَتَبَيَّنَ مَا لَعَلَّهُ خَفِيَ مِنْهَا عَلَى كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ.

وَقَدْ يَكُونُ الِاخْتِلَافُ لِتَغَيُّرِ اجْتِهَادِهِ، كَمَا هُوَ أَحَدُ احْتِمَالَيْنِ فِي قَوْلِ الدَّارَقُطْنِيِّ فِي الْحَسَنِ بْنِ غُفَيْرٍ بِالْمُعْجَمَةِ: إِنَّهُ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ: إِنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>