للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جِهَةُ تَرْجِيحٍ عَلَيْهَا، وَهِيَ مَا فِيهَا مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ الشَّيْخَ رَوَاهُ الْحَدِيثَ وَخَاطَبَهُ بِهِ فِيهِمَا.

وَقَدْ سَأَلَ الْخَطِيبُ شَيْخَهُ الْبَرْقَانِيَّ عَنِ النُّكْتَةِ فِي عُدُولِهِ عَنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إِلَى سَمِعْتُ حِينَ التَّحْدِيثِ عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ الْآبَنْدُونِيِّ، فَقَالَ: لِأَنَّ أَبَا الْقَاسِمِ كَانَ مَعَ ثِقَتِهِ وَصَلَاحِهِ عَسِرًا فِي الرِّوَايَةِ، فَكُنْتُ أَجْلِسُ حَيْثُ لَا يَرَانِي وَلَا يَعْلَمُ بِحُضُورِي، فَلِهَذَا أَقُولُ: سَمِعْتُ ; لِأَنَّ قَصْدَهُ فِي الرِّوَايَةِ إِنَّمَا كَانَ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ، أَشَارَ إِلَيْهِ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَمِنْهُ قَوْلُ أَبِي دَاوُدَ صَاحِبِ السُّنَنِ: قُرِئَ عَلَى الْحَارِثِ بْنِ مِسْكِينٍ وَأَنَا شَاهِدٌ. وَنَحْوُهُ حَذَفَ النَّسَائِيُّ الصِّيغَةَ، حَيْثُ يَرْوِي عَنِ الْحَارِثِ أَيْضًا، بَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى قَوْلِهِ: الْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ ; لِأَنَّ الْحَارِثَ كَانَ يَتَوَلَّى قَضَاءَ مِصْرَ، وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّسَائِيِّ خُشُونَةٌ، فَلَمْ يُمْكِنْهُ حُضُورُ مَجْلِسِهِ، فَكَانَ يَتَسَتَّرُ فِي مَوْضِعٍ وَيَسْمَعُ حَيْثُ لَا يَرَاهُ، فَلِذَلِكَ تَوَرَّعَ وَتَحَرَّى.

وَهَذَا ظَاهِرٌ فِيمَنْ قَصَدَ إِفْرَادَ شَخْصٍ بِعَيْنِهِ، أَوْ جَمَاعَةٍ مُعَيَّنِينَ، كَمَا وَقَعَ لِلَّذِي أَمَرَ بِدَقِّ الْهَاوِنِ حَتَّى لَا يَسْمَعَ حَدِيثَهُ مَنْ قَعَدَ عَلَى بَابِ دَارِهِ، وَلِذَا نُقِلَ عَنْ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ أَنَّهُ قَالَ: " سَمِعْتُ " أَسْهَلُ عَلَيَّ مِنْ " حَدَّثَنَا وَأَنَا وَحَدَّثَنِي

<<  <  ج: ص:  >  >>