٤٤٨ - لَكِنْ عَلَى جَوَازِهَا اسْتَقَرَّا
عَمَلُهُمْ وَالْأَكْثَرُونَ طُرَّا ... ٤٤٩ - قَالُوا بِهِ، كَذَا وُجُوبُ الْعَمَلِ
بِهَا وَقِيلَ لَا كَحُكْمِ الْمُرْسَلِ
الْقِسْمُ (الثَّالِثُ) مِنْ أَقْسَامِ التَّحَمُّلِ (الْإِجَازَةُ) ، وَهِيَ مَصْدَرٌ، وَأَصْلُهَا إِجْوَازَةٌ، تَحَرَّكَتِ الْوَاوُ وَتُوُهِّمَ انْفِتَاحُ مَا قَبْلَهَا، فَانْقَلَبَتْ أَلِفًا، وَحُذِفَتْ إِحْدَى الْأَلِفَيْنِ إِمَّا الزَّائِدَةُ أَوِ الْأَصْلِيَّةُ، بِالنَّظَرِ لِاخْتِلَافِ سِيبَوَيْهِ وَالْأَخْفَشِ ; لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، فَصَارَتْ إِجَازَةً.
وَتَرِدُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ لِلْعُبُورِ، وَالِانْتِقَالِ، وَلِلْإِبَاحَةِ الْقَسِيمَةِ لِلْوُجُوبِ وَالِامْتِنَاعِ، وَعَلَيْهِ يَنْطَبِقُ الِاصْطِلَاحُ ; فَإِنَّهَا إِذْنٌ فِي الرِّوَايَةِ لَفْظًا أَوْ كَتْبًا تُفِيدُ الْإِخْبَارَ الْإِجْمَالِيَّ عُرْفًا.
وَقَالَ الْقُطْبُ الْقَسْطَلَانِيُّ: إِنَّهَا مُشْتَقَّةٌ مِنَ التَّجَوُّزِ، وَهُوَ التَّعَدِّي، فَكَأَنَّهُ عَدَّى رِوَايَتَهُ حَتَّى أَوْصَلَهَا لِلرَّاوِي عَنْهُ. وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْحَجَّاجِ: إِنَّ اشْتِقَاقَهَا مِنَ الْمَجَازِ، فَكَأَنَّ الْقِرَاءَةَ وَالسَّمَاعَ هُوَ الْحَقِيقَةُ، وَمَا عَدَاهُ مَجَازٌ. وَالْأَصْلُ الْحَقِيقَةُ، وَالْمَجَازُ حُمِلَ عَلَيْهِ، وَيَقَعُ أَجَزْتُ مُتَعَدِّيًا بِنَفْسِهِ وَبِحَرْفِ الْجَرِّ كَمَا سَيَأْتِي فِي لَفْظِ الْإِجَازَةِ وَشَرْطِهَا.
(ثُمَّ الْإِجَازَةُ تَلِي السَّمَاعَا) عَرْضًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ الْمَشْهُورِ، وَقِيلَ: بَلْ هِيَ أَقْوَى مِنْهُ ; لِأَنَّهَا أَبْعَدُ مِنَ الْكَذِبِ، وَأَنْفَى عَنِ التُّهَمَةِ وَسُوءِ الظَّنِّ وَالتَّخَلُّصِ مِنَ الرِّيَاءِ وَالْعُجْبِ. قَالَهُ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَنْدَهْ، بَلْ كَانَ يَقُولُ: مَا حَدَّثْتُ بِحَدِيثٍ إِلَّا عَلَى سَبِيلِ الْإِجَازَةِ، حَتَّى لَا أُوبِقَ فَأُدْخَلَ فِي كِتَابِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute