للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَأَلْتُ مَالِكًا عَنِ الْإِجَازَةِ، فَقَالَ: لَا أَرَاهَا، إِنَّمَا يُرِيدُ أَحَدُهُمْ أَنْ يُقِيمَ الْمُقَامَ الْيَسِيرَ، وَيَحْمِلَ الْعِلْمَ الْكَثِيرَ.

وَعَنِ ابْنِ وَهْبٍ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ لِمَنْ سَأَلَهُ الْإِجَازَةَ: مَا يُعْجِبُنِي وَإِنَّ النَّاسَ يَفْعَلُونَهُ، قَالَ: وَذَلِكَ أَنَّهُمْ طَلَبُوا الْعِلْمَ لِغَيْرِ اللَّهِ، يُرِيدُونَ أَنْ يَأْخُذُوا الشَّيْءَ الْكَثِيرَ فِي الْمُقَامِ الْقَلِيلِ. وَمِثْلُ هَذَا قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ لِرَسُولِ أَصْبَغَ بْنِ الْفَرَجِ فِي ذَلِكَ: قُلْ لَهُ: إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْعِلْمَ فَارْحَلْ لَهُ.

وَ (قَالَا) أَيِ: الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَالْمَاوَرْدِيُّ (كَ) قَوْلِ (شُعْبَةٍ) بِالصَّرْفِ لِلضَّرُورَةِ، وَابْنِ الْمُبَارَكِ وَأَضْرَابِهِمَا مَا مَعْنَاهُ: (وَلَوْ جَازَتْ) الْإِجَازَةُ (إِذَنْ) بِالنُّونِ لِجَمَاعَةٍ، مِنْهُمُ الْمُبَرِّدُ، حَتَّى كَانَ يَقُولُ: أَشْتَهِي أَنْ أَكْوِيَ يَدَ مَنْ يَكْتُبُهَا بِالْأَلِفِ ; لِأَنَّهَا مِثْلُ أَنْ وَلَنْ، وَلَا يَدْخُلُ التَّنْوِينُ فِي الْحُرُوفِ (لَبَطَلَتْ رِحْلَةُ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَضَمِّهَا ; أَيِ: انْتِقَالُ (طُلَّابِ السُّنَنْ) لِأَجْلِهَا مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ ; لِاسْتِغْنَائِهِمْ بِالْإِجَازَةِ عَنْهَا.

زَادَ شُعْبَةُ: وَكُلُّ حَدِيثٍ لَيْسَ فِيهِ " سَمِعْتُ قَالَ: سَمِعْتُ " فَهُوَ خَلٌّ وَبَقْلٌ وَنَحْوُهُ. وَقَوْلُ أَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ: مَا رَأَيْنَا أَحَدًا يَفْعَلُهَا، وَإِنْ تَسَاهَلْنَا فِي هَذَا يَذْهَبِ الْعِلْمُ، وَلَمْ يَكُنْ لِلطَّلَبِ مَعْنًى، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ مَذَاهِبِ أَهْلِ الْعِلْمِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>