للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَرَوْنَ مَنْ عَدِمَهَا الْمَغْلُوبَ لَا الْغَالِبَ، فَإِذَا ذَكَرَ حَدِيثًا أَوْ قِرَاءَةً أَوْ مَعْنًى مَا قَالُوا: أَيْنَ إِسْنَادُهُ، وَعَلَى مَنِ اعْتِمَادُهُ؟ فَإِنْ عُدِمَ سَنَدًا يُتْرَكُ سُدًى، وَنُبِذَ قَوْلُهُ، وَلَمْ يُعْلَمْ فَضْلُهُ.

(وَالْأَكْثَرُونَ) مِنَ الْعُلَمَاءِ بِالْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ (طُرَّا) بِضَمِّ الطَّاءِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ ; أَيْ: جَمِيعًا (قَالُوا بِهِ) أَيْ: بِالْجَوَازِ أَيْضًا قَبْلَ انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَيْهِ، وَحَكَاهُ الْآمِدِيُّ عَنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَكْثَرِ الْمُحَدِّثِينَ، وَبِهِ قَالَ الرَّبِيعُ، وَحُكِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَيْضًا، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّيْخَانِ، وَلَكِنَّ شَيْخَنَا مُتَوَقِّفٌ فِي كَوْنِ الْبُخَارِيِّ كَانَ يَرَى بِهَا ; فَإِنَّهُ قَالَ: إِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ، يَعْنِي فِي الْعِلْمِ مِنْ صَحِيحِهِ، الْإِجَازَةَ الْمُجَرَّدَةَ عَنِ الْمُنَاوَلَةِ أَوِ الْمُكَاتَبَةِ، وَلَا الْوِجَادَةَ وَلَا الْوَصِيَّةَ وَلَا الْإِعْلَامَ الْمُجَرَّدَاتِ عَنِ الْإِجَازَةِ، وَكَأَنَّهُ لَا يَرَى بِشَيْءٍ مِنْهَا - انْتَهَى.

وَقَدْ يَغْمُضُ الِاحْتِجَاجُ لِصِحَّتِهَا وَيُقَالُ: الْغَرَضُ مِنَ الْقِرَاءَةِ الْإِفْهَامُ، وَالْفَهْمُ حَاصِلٌ بِالْإِجَازَةِ الْمُفْهِمَةِ، وَهَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ ; فَإِنَّهُ قَالَ: وَفِي الِاحْتِجَاجِ لِذَلِكَ غُمُوضٌ ; أَيْ: مِنْ جِهَةِ التَّحْدِيثِ وَالْإِخْبَارِ بِالتَّفَاصِيلِ، وَيَتَّجِهُ أَنْ نَقُولَ: إِذَا أَجَازَ لَهُ أَنْ يَرْوِيَ عَنْهُ مَرْوِيَّاتِهِ، يَعْنِي الْمُعَيَّنَةَ أَوِ الْمَعْلُومَةَ، فَقَدْ أَخْبَرَهُ بِهَا جُمْلَةً، فَهُوَ كَمَا لَوْ أَخْبَرَهُ بِهَا تَفْصِيلًا، وَإِخْبَارُهُ لَهُ بِهَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى التَّصْرِيحِ نُطْقًا، يَعْنِي فِي كُلِّ حَدِيثٍ كَالْقِرَاءَةِ، وَإِنَّمَا الْغَرَضُ حُصُولُ الْإِفْهَامِ وَالْفَهْمِ، وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِالْإِجَازَةِ الْمُفْهِمَةِ، وَارْتَضَاهُ كُلُّ مَنْ بَعْدَهُ.

لَكِنْ قَدْ بَحَثَ فِيهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَقَالَ: إِنَّهُ قِيَاسٌ مُجَرَّدٌ عَنِ الْعِلَّةِ، فَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>