لِقَوْلِ الْجَلَّابِ رَاوِي مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ: قُلْتُ لَهُ: سَمِعْتُ كِتَابَ الْكَلْبِيِّ وَقَدْ تَقَطَّعَ عَلَيَّ، وَالَّذِي هُوَ عِنْدَهُ يُرِيدُ الْخُرُوجَ، فَهَلْ تَرَى أَنْ أَسْتَجِيزَهُ أَوْ أَسْأَلَهُ أَنْ يَكْتُبَ بِهِ إِلَيَّ؟ قَالَ: الْإِجَازَةُ لَيْسَتْ بِشَيْءٍ، سَلْهُ أَنْ يَكْتُبَ بِهِ إِلَيْكَ.
وَ (كَذَا) الْمُعْتَمَدُ (وُجُوبُ الْعَمَلِ) وَالِاحْتِجَاجِ بِالْمَرْوِيِّ (بِهَا) مِمَّنْ يَسُوغُ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ ; لِأَنَّهُ خَبَرٌ مُتَّصِلُ الرِّوَايَةِ، فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِهِ كَالسَّمَاعِ إِلَّا لِمَانِعٍ آخَرَ (وَقِيلَ) ، وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَمَنْ تَابَعَهُمْ: (لَا) يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ (كَحُكْمِ) الْحَدِيثِ (الْمُرْسَلِ) .
قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَهَذَا بَاطِلٌ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْإِجَازَةِ مَا يَقْدَحُ فِي اتِّصَالِ الْمَنْقُولِ بِهَا، وَلَا فِي الثِّقَةِ بِهِ، بِخِلَافِ الْمُرْسَلِ، فَلَا إِخْبَارَ فِيهِ الْبَتَّةَ. وَسَبَقَهُ الْخَطِيبُ فَقَالَ: كَيْفَ يَكُونُ مَنْ نَعْرِفُ عَيْنَهُ وَأَمَانَتَهُ وَعَدَالَتَهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَا نَعْرِفُهُ، قَالَ: وَهَذَا وَاضِحٌ لَا شُبْهَةَ فِيهِ.
تَتِمَّةٌ: هَلْ يَلْتَحِقُ بِذَلِكَ الْإِجَازَاتُ بِالْقِرَاءَاتِ؟ الظَّاهِرُ نَعَمْ، وَلَكِنْ قَدْ مَنَعَهُ أَبُو الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ الْآتِي فِي النَّوْعِ الثَّالِثِ قَرِيبًا، وَأَحَدُ أَئِمَّةِ الْقُرَّاءِ وَالْحَدِيثِ، وَبَالَغَ حَيْثُ قَالَ: إِنَّهُ كَبِيرَةٌ مِنَ الْكَبَائِرِ، وَكَأَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنِ الشَّيْخُ أَهْلًا ; لِأَنَّ فِيهَا أَشْيَاءَ لَا تَحْكُمُهَا إِلَّا الْمُشَافَهَةُ، وَإِلَّا فَمَا الْمَانِعُ مِنْهُ عَلَى سَبِيلِ الْمُتَابَعَةِ، إِذَا كَانَ قَدْ أَحْكَمَ الْقُرْآنَ وَصَحَّحَهُ كَمَا فَعَلَهُ أَبُو الْعَلَاءِ نَفْسُهُ، حَيْثُ يَذْكُرُ سَنَدَهُ بِالتِّلَاوَةِ ثُمَّ يُرْدِفُهُ بِالْإِجَازَةِ، إِمَّا لِلْعُلُوِّ أَوِ الْمُتَابَعَةِ وَالِاسْتِشْهَادِ، بَلْ (سَوْقُ الْعَرُوسِ) لِأَبِي مَعْشَرٍ الطَّبَرِيِّ شَيْخِ مَكَّةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute