للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمَشِيئَةِ مُسَمًّى لِغَيْرِهِ، كَأَنْ يَقُولَ: مَنْ شَاءَ فُلَانٌ أَنْ أُجِيزَهُ فَقَدْ أَجَزْتُهُ، أَوْ أَجَزْتُ لِمَنْ يَشَاءُ فُلَانٌ، أَوْ يَقُولُ لِشَخْصٍ: أَجَزْتُ لِمَنْ شِئْتَ رِوَايَةَ حَدِيثِي، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ.

وَقَدْ أَلْحَقَ ابْنُ الصَّلَاحِ بِهَا الصُّورَةَ الْأُولَى، لَكِنَّهُ قَالَ: (وَالْأُولَى) أَيِ: التَّعْلِيقُ بِمَشِيئَةِ الْمُجَازِ لَهُ الْمُبْهَمِ (أَكْثَرُ جَهْلًا) وَانْتِشَارًا مِنَ الثَّانِيَةِ ; فَإِنَّهَا مُعَلَّقَةٌ بِمَشِيئَةِ مَنْ لَا يُحْصَرُ عَدَدُهُمْ، وَالثَّانِيَةُ بِمَشِيئَةِ مُعَيَّنٍ، مَعَ اشْتِرَاكِهِمَا فِي جَهَالَةِ الْمُجَازِ لَهُمْ، فَإِنْ كَانَ الْغَيْرُ مُبْهَمًا، كَأَنْ يَقُولَ: أَجَزْتُ لِمَنْ شَاءَ بَعْضُ النَّاسِ أَنْ يَرْوِيَ عَنِّي، فَأَكْثَرُ جَهْلًا ; لِوُجُودِ الْجَهَالَةِ فِيهَا فِي الْجِهَتَيْنِ، وَلِذَا كَانَتْ فِيهَا بِخُصُوصِهَا بَاطِلَةً قَطْعًا.

(وَأَجَازَ الْكُلَّا) أَيِ: الصُّورَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ (مَعًا) الْقَاضِي (أَبُو يَعْلَى) مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَلَفِ بْنِ الْفَرَّاءِ (الْإِمَامُ الْحَنْبَلِي) وَالِدُ الْقَاضِي أَبِي الْحُسَيْنِ مُحَمَّدٍ مُؤَلِّفِ طَبَقَاتِ الْحَنَابِلَةِ (مَعَ ابْنِ عَمْرُوسٍ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَآخِرُهُ سِينٌ مُهْمَلَةٌ، هُوَ أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمَالِكِيُّ، فِيمَا نَقَلَهُ عَنْهُمَا الْحَافِظُ الْخَطِيبُ الشَّافِعِيُّ فِي جُزْءِ الْإِجَازَةِ لِلْمَعْدُومِ وَالْمَجْهُولِ (وَقَالَا) مُسْتَدِلِّينَ لِلْجَوَازِ: (يَنْجَلِي الْجَهْلُ) فِيهَا فِي ثَانِي الْحَالِ (إِذْ يَشَاؤُهَا) أَيِ: الْإِجَازَةَ، الْمُجَازُ لَهُ.

قُلْتُ: وَلَمْ أَرَ الِاسْتِدْلَالَ وَلَا الصُّورَةَ الْأُولَى فِي الْجُزْءِ الْمَذْكُورِ، وَلَا عَزَاهَا ابْنُ الصَّلَاحِ لَهُمَا، بَلْ كَلَامُهُ مُحْتَمِلٌ لِكَوْنِ الِاسْتِدْلَالِ لَهُ وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْ عَلَى الصِّحَّةِ فِيهَا ; حَيْثُ قَالَ: فَهَذَا فِيهِ جَهَالَةٌ وَتَعْلِيقٌ بِشَرْطٍ.

(وَالظَّاهِرُ بُطْلَانُهَا) وَعَدَمُ صِحَّتِهَا، وَقَدْ (أَفْتَى بِذَاكَ) الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ (طَاهِرُ) بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّبَرِيُّ ; إِذْ سَأَلَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>