لِتَوَقُّفِ تَمَامِ الْبَيْعِ عَلَى قَبُولِهِ، بِخِلَافِهِ فِي الْإِجَازَةِ، فَلَا يُتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ، فَيَكُونُ قَوْلُهُ: أَجَزْتُ لِمَنْ شَاءَ الرِّوَايَةَ، تَعْلِيقًا ; لِأَنَّهُ قَبْلَ مَشِيئَةِ الرِّوَايَةِ لَا يَكُونُ مُجَازًا، وَبَعْدَ مَشِيئَتِهَا يَكُونُ مُجَازًا.
وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ ; لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى تَعْلِيقٍ وَجَهْلٍ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ كَمَا تَقَدَّمَ. نَعَمْ، نَظِيرُ مَا نَحْنُ فِيهِ: وَكَّلْتُ مَنْ شَاءَ، أَوْ أَوْصَيْتُ لِمَنْ شَاءَ وَأَمْثَالُهُمَا مِمَّا لَا يَصِحُّ فِيهَا، قَالَ: وَإِذَا بَطَلَ فِي الْوَصِيَّةِ مَعَ احْتِمَالِهَا مَا لَا تَحْتَمِلُهُ غَيْرُهَا فَلَأَنْ يَبْطَلَ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ أَوْلَى.
قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: (وَنَحْوَهُ) أَيْ: نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَعْلِيقِ الرِّوَايَةِ، أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ (الْأَزْدِي) الْمَوْصِلِيُّ الْحَافِظُ، حَالَ كَوْنِهِ (مُجِيزًا كُتُبًا) بِخَطِّهِ فَقَالَ: أَجَزْتُ رِوَايَةَ ذَلِكَ لِجَمِيعِ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْوِيَهُ عَنِّي (أَمَّا) لَوْ قَالَ: (أَجَزْتُ) لَكَ أَنْ تَرْوِيَ عَنِّي الْكِتَابَ الْفُلَانِيَّ، أَوْ كَذَا وَكَذَا، أَوْ فِهْرِسَتِي إِنْ شِئْتَ الرِّوَايَةَ عَنِّي، أَوْ أَجَزْتُ لَكَ إِنْ شِئْتَ أَنْ تَرْوِيَ عَنِّي، أَوْ أَجَزْتُ (لِفُلَانٍ) الْفُلَانِيِّ (إِنْ يُرِدْ) ، أَوْ يُحِبَّ الرِّوَايَةَ عَنِّي، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ نَظِيرُ مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ سَوَاءٌ أَوْ يُشَابِهُهَا (فَالْأَظْهَرُ الْأَقْوَى) فِيهَا (الْجَوَازُ) إِذْ قَدِ انْتَفَتْ فِيهِ الْجَهَالَةُ وَحَقِيقَةُ التَّعْلِيقِ، وَلَمْ يَبْقَ سِوَى صِيغَتِهِ (فَاعْتَمِدْ) ذَلِكَ.
وَإِنْ حَكَى ابْنُ الْأَثِيرِ الْمَنْعَ فِيهَا عَنْ قَوْمٍ ; لِأَنَّهَا تَحَمُّلٌ، فَيُعْتَبَرُ فِيهِ تَعْيِينُ الْمُتَحَمِّلِ، قَالَ: وَهَذَا هُوَ الْأَجْدَرُ بِالِاحْتِيَاطِ، وَالْأَوْلَى بِنَجَابَةِ الْمُحَدِّثِ وَحِفْظِهِ - انْتَهَى.
وَيَشْهَدُ لَهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: رَاجَعْتُكِ إِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute