للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطِّيبِيَّةِ (قَدْ نَقَلَهْ) أَيْ: تَعَدِّيَهُ بِنَفْسِهِ فِي جُزْءٍ لَهُ سَمَّاهُ: مَآخِذَ الْعِلْمِ ; فَإِنَّهُ قَالَ: مَعْنَى الْإِجَازَةِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مَأْخُوذٌ مِنْ جَوَازِ الْمَاءِ الَّذِي يُسْقَاهُ الْمَالُ مِنَ الْمَاشِيَةِ وَالْحَرْثِ، يُقَالُ مِنْهُ: اسْتَجَزْتُ فُلَانًا فَأَجَازَنِي، إِذَا سَقَاكَ مَاءً لِأَرْضِكَ أَوْ مَاشِيَتِكَ، كَذَلِكَ طَالِبُ الْعِلْمِ يَسْأَلُ الْعَالِمَ أَنْ يُجِيزَهُ عِلْمَهُ ; أَيْ: يُجِيزُ إِلَيْهِ عِلْمَهُ، فَيُجِيزُهُ إِيَّاهُ، قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: (وَإِنَّمَا الْمَعْرُوفُ) يَعْنِي: لُغَةً وَاصْطِلَاحًا، أَنْ يَقُولُ: (قَدْ أَجَزْتُ لَهْ) رِوَايَةَ مَسْمُوعَاتِي، يَعْنِي مَتَعَدِّيًا بِحَرْفِ الْجَرِّ وَبِدُونِ إِضْمَارٍ، قَالَ: وَهَذَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مَنْ يَجْعَلُ الْإِجَازَةَ بِمَعْنَى التَّسْوِيغِ وَالْإِذْنِ وَالْإِبَاحَةِ، قَالَ: وَمَنْ يَقُولُ: أَجَزْتُ لَهُ مَسْمُوعَاتٍ، فَعَلَى سَبِيلِ الْإِضْمَارِ لِلْمُضَافِ الَّذِي لَا يَخْفَى نَظِيرُهُ، وَحِينَئِذٍ فَفِي الْأَوَّلِ الْإِضْمَارُ وَالْحَذْفُ دُونَ الثَّانِي الَّذِي هُوَ أَظْهَرُ وَأَشْهَرُ، وَفِي الثَّالِثِ الْإِضْمَارُ فَقَطْ.

(وَ) أَمَّا شَرْطُ صِحَّتِهَا فَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: (إِنَّمَا تُسْتَحْسَنُ الْإِجَازَةُ مِنْ عَالِمٍ بِهِ) أَيْ: بِالْمُجَازِ (وَمَنْ أَجَازَهْ) أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّ الْمُجَازَ لَهُ (طَالِبُ عِلْمٍ) أَيْ: مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، كَمَا هِيَ عِبَارَةُ ابْنِ الصَّلَاحِ ; إِذِ الْمَرْءُ وَلَوْ بَلَغَ الْغَايَةَ فِي الْعِلْمِ لَا يَزَالُ لِلَّهِ طَالِبًا، وَيُرْوَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (( «كُلُّ عَالِمٍ غَرْثَانُ إِلَى عِلْمٍ» )) أَيْ: جَائِعٌ،

<<  <  ج: ص:  >  >>