أَلَّا فَاحْذَرُوا التَّصْحِيفَ فِيهِ فَرُبَّمَا
تَغَيَّرَ عَنْ تَصْحِيفِهِ فَيَحُولُ
وَقَالَ غَيْرُهُ فِي أَبْيَاتٍ:
وَأَكْرَهُ فِيمَا قَدْ سَأَلْتُمْ غُرُورَكُمْ ... وَلَسْتُ بِمَا عِنْدِي مِنَ الْعِلْمِ أَبْخَلُ
فَمَنْ يَرْوِهِ فَلْيَرْوِهِ بِصَوَابِهِ ... كَمَا قَالَهُ الْفَرَّاءُ فَالصِّدْقُ أَجْمَلُ
وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِهِمْ: الشَّرْطُ كَوْنُهَا مِنْ مُعَيَّنٍ لِمُعَيَّنٍ، أَوْ كَوْنُهَا غَيْرَ مَجْهُولَةٍ، فَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَمَا أَحْسَنَ مَنْ كَتَبَ لِمَنْ عَلِمَ مِنْهُ التَّأَهُّلَ: أَجَزْتُ لَهُ الرِّوَايَةَ عَنِّي، وَهُوَ لِمَا أَعْلَمُ مِنْ إِتْقَانِهِ وَضَبْطِهِ غَنِيٌّ عَنْ تَقْيِيدِي ذَلِكَ بِشَرْطِهِ.
ثُمَّ الْإِجَازَةُ تَارَةً تَكُونُ بِلَفْظِ الْمُجِيزِ بَعْدَ السُّؤَالِ فِيهَا مِنَ الْمُجَازِ لَهُ أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ مُبْتَدِئًا بِهَا، وَتَارَةً تَكُونُ بِخَطِّهِ عَلَى اسْتِدْعَاءٍ كَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ، أَوْ بِدُونِ اسْتِدْعَاءٍ (وَاللَّفْظُ) بِالْإِجَازَةِ (إِنْ تُجِزْ) أَيُّهَا الْمُحَدِّثُ (بِكَتْبٍ) أَيْ: بِأَنْ تَجْمَعَهُمَا (أَحْسَنُ) وَأَوْلَى مِنْ إِفْرَادِ أَحَدِهِمَا (أَوْ) بِكَتْبٍ (دُونَ لَفْظٍ فَانْوِ) الْإِجَازَةَ (وَهْوَ) ، أَيْ: هَذَا الصَّنِيعُ (أَدْوَنُ) مِنَ الْإِجَازَةِ الْمَلْفُوظِ بِهَا فِي الْمَرْتَبَةِ ; لِأَنَّ الْقَوْلَ دَلِيلُ رِضَاهُ الْقَلْبِيِّ بِالْإِجَازَةِ، وَالْكِتَابَةَ دَلِيلُ الْقَوْلِ الدَّالِّ عَلَى الرِّضَى، وَالدَّالُّ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ أَعْلَى، وَبِالثَّانِي يُوَجَّهُ صِحَّتُهَا بِالنِّيَّةِ فَقَطْ، بَلْ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ مُتَّصِلًا بِذَلِكَ: وَغَيْرُ مُسْتَبْعَدٍ تَصْحِيحٌ ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ هَذِهِ الْكِتَابَةِ فِي بَابِ الرِّوَايَةِ الَّذِي جُعِلَتْ فِيهِ الْقِرَاءَةُ عَلَى الشَّيْخِ، مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَلْفِظْ بِمَا قُرِئَ عَلَيْهِ إِخْبَارًا مِنْهُ بِذَلِكَ، وَيَتَأَيَّدُ بِقَوْلِ ابْنِ أَبِي الدَّمِ: قَدْ تَقُومُ الْأَفْعَالُ مَقَامَ الْأَقْوَالِ كَمَا فِي نَقْلِ الْمِلْكِ عَلَى الْقَوْلِ بِتَصْحِيحِ الْمُعَاطَاةِ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا فَقَضِيَّةٌ مَا هُنَا - وَقَالَ الشَّارِحُ: إِنَّهُ الظَّاهِرُ - عَدَمُ الصِّحَّةِ ; لِأَنَّ الْكِتَابَ كِنَايَةٌ، وَالْكِنَايَةُ شَرْطُهَا النِّيَّةُ، وَلَا نِيَّةَ هُنَا فَبَطَلَتْ، وَكَأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute