للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَجُوزُ مِنْ جِهَةِ الصِّدْقِ؛ فَإِنَّهُ تَصْرِيحٌ بِالْإِخْبَارِ بِالْكِتَابِ، وَغَايَةُ مَا فِيهِ أَنَّهُ إِخْبَارٌ جُمْلِيٌّ، وَلَا فَرْقَ فِي مَعْنَى الصِّدْقِ بَيْنَ الْإِجْمَالِ وَالتَّفْصِيلِ. نَعَمْ، فِيهِ نَظَرٌ مِنْ حَيْثُ إِنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِأَنْ لَا يُطْلَقَ الْإِخْبَارُ إِلَّا فِيمَنْ قُرِئَ، وَيُسَمَّى مِثْلُ هَذَا مُنَاوَلَةً، وَلَيْسَ هَذَا عِنْدِي بِالْمُتَعَيَّنِ مِنْ جِهَةِ الصِّدْقِ، فَإِنْ أَوْقَعَ تُهْمَةً فَقَدْ يُمْنَعُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ - انْتَهَى.

وَمَعَ الْقُرْبِ الَّذِي قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فَهُوَ يَلْتَبِسُ بِاصْطِلَاحِ ابْنِ الْمَدِينِيِّ فِي أَنَّهُ إِذَا زَادَ فِي نَسَبِ شَيْخِ شَيْخِهِ عَلَى مَا سَمِعَهُ مِنْ شَيْخٍ يَأْتِي بِلَفْظِ: " أَنَّ " (وَبَعْضُهُمْ يَخْتَارُ فِي الْإِجَازَهْ) لَفْظَ (أَنْبَأَنَاكَ) الْوَلِيدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ مَخْلَدِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ الْغَمْرِيُّ بِالْمُعْجَمَةِ الْمَفْتُوحَةِ، وَقِيلَ: الْمَضْمُومَةُ، وَالْمِيمِ السَّاكِنَةِ، نِسْبَةً إِلَى الْغَمْرِ، بَطْنٍ مِنْ غَافِقَ، الْأَنْدَلُسِيُّ الْمَالِكِيُّ الْأَدِيبُ الشَّاعِرُ (صَاحِبُ الْوِجَازَهْ) وَشَيْخُ الْحَاكِمِ، بَلْ حَكَى عِيَاضٌ عَنْ شُعْبَةَ أَنَّهُ قَالَ مَرَّةً فِيهَا: قَالَ. وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا: " أَنَا "، وَاسْتَبْعَدَ ذَلِكَ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَرَى الْإِجَازَةَ، كَمَا سَبَقَ فِي مَحَلِّهِ. نَعَمْ، اصْطَلَحَ قَوْمٌ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى إِطْلَاقِهَا فِيهَا (وَاخْتَارَهُ) أَيْ: لَفْظَ أَنْبَأَنَا (الْحَاكِمُ) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (فِيمَا شَافَهَهْ) شَيْخُهُ (بِالْإِذْنِ) فِي رِوَايَتِهِ (بَعْدَ عَرْضِهِ) لَهُ عَرْضَ الْمُنَاوَلَةِ (مُشَافَهَهْ) ، قَالَ: وَعَلَيْهِ عَهِدْتُ أَكْثَرَ مَشَايِخِي وَأَئِمَّةَ عَصْرِي (وَاسْتَحْسَنُوا) كَمَا أَشْعَرَهُ صَنِيعُ ابْنِ الصَّلَاحِ وَمَنْ بَعْدَهُ (لِلْبَيْهَقِي) الْحَافِظِ (مُصْطَلَحَا) ، وَهُوَ (أَنْبَأَنَا إِجَازَةً فَصَرَّحَا) بِالْإِجَازَةِ، وَلَمْ يُطْلِقِ الْإِنْبَاءَ؛ لِكَوْنِهِ عِنْدَ الْقَوْمِ فِيمَا تَقَدَّمَ بِمَنْزِلَةِ الْإِخْبَارِ، وَرَاعَى فِي التَّعْبِيرِ بِهِ عَنِ الْإِجَازَةِ اصْطِلَاحَ الْمُتَأَخِّرِينَ، لَا سِيَّمَا وَلَمْ يَكُنِ الِاصْطِلَاحُ بِذَلِكَ انْتَشَرَ، بَلْ قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: إِنَّ إِطْلَاقَهَا فِي الْإِجَازَةِ بَعِيدٌ مِنَ الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ، إِلَّا أَنْ يُوضَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>