إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَى الْخَطِّ مِنْ حَيْثُ إِنَّ الْخَطَّ يَتَشَابَهُ، أَخْذًا مِنَ الْحَاكِمِ فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْعَمَلُ بِمَا يَرِدُ عَلَيْهِ مِنَ الْمُكَاتَبَاتِ الْحُكْمِيَّةِ مِنَ قَاضٍ آخَرَ إِذَا عَرَفَ الْخَطَّ عَلَى الصَّحِيحِ.
وَهَذَا وَإِنْ كَانَ لَهُ اتِّجَاهٌ فِي الْحُكْمِ، فَالْأَصَحُّ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ، يَعْنِي سَلَفًا وَخَلَفًا، هُنَا جَوَازُ الِاعْتِمَادِ عَلَى الْخَطِّ ; لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَبْعَثُ كُتُبَهُ إِلَى عُمَّالِهِ فَيَعْمَلُونَ بِهَا وَاعْتِمَادِهِمْ عَلَى مَعْرِفَتِهَا.
قُلْتُ: وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْإِصْطَخْرِيُّ حَيْثُ اكْتَفَى بِكِتَابِ الْقَاضِي الْمُجَرَّدِ عَنِ الْإِشْهَادِ إِذَا وَثِقَ الْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إِلَيْهِ بِالْخَطِّ وَالْخَتْمِ. وَالصَّحِيحُ مَا تَقَدَّمَ، وَبَابُ الرِّوَايَةِ عَلَى التَّوْسِعَةِ، بَلْ صَرَّحَ فِي (زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ) بِاعْتِمَادِ خَطِّ الْمُفْتِي إِذَا أَخْبَرَهُ مَنْ يُقْبَلُ خَبَرُهُ أَنَّهُ خَطُّهُ، أَوْ كَانَ يَعْرِفُ خَطَّهُ، وَلَمْ يَشُكَّ فِي فُرُوعٍ، مِنْهَا: لَوْ وَجَدَ بِخَطِّ أَبِيهِ الَّذِي لَا يَشُكُّ فِيهِ دَيْنًا عَلَى أَحَدٍ سَاغَ لَهُ الْحَلِفُ فِيهِ، وَحِينَئِذٍ فَمُحَاكَاةُ الْخُطُوطِ فِيهَا مِنَ الْمَحْظُورِ مَا لَا يَخْفَى، فَيَتَعَيَّنُ اجْتِنَابُهُ، وَإِنْ حَاكَى حَافِظُ دِمَشْقَ الشَّمْسُ بْنُ نَاصِرِ الدِّينِ خَطَّ الذَّهَبِيِّ، ثُمَّ حَاكَاهُ بَعْضُ تَلَامِذَتِهِ فِي طَائِفَةٍ.
[عِبَارَةُ الرَّاوِي بِطَرِيقِ الْمُكَاتَبَةِ] :
(بِحَيْثُ أَدَّى) الْمُكَاتَبُ مَا تَحَمَّلَهُ مِنْ ذَلِكَ فَبِأَيِ صِيغَةٍ يُؤَدِّي، (فَاللَّيْثُ) بْنُ سَعْدٍ (مَعْ مَنْصُورٍ) هُوَ ابْنُ الْمُعْتَمِرِ (اسْتَجَازَا) إِطْلَاقَ: (أَخْبَرَنَا وَحَدَّثَنَا جَوَازًا) لِأَنَّهُمَا كَمَا سَلَفَ قَرِيبًا قَالَا: أَلَيْسَ إِذَا كَتَبْتُ إِلَيْكَ فَقَدْ حَدَّثْتُكَ؟ وَكَذَا قَاَلَ لُوَيْنٌ: كَتَبَ إِلَيَّ وَحَدَّثَنِي وَاحِدٌ. وَلَكِنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute