للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِأَنَّ هَذَا مِنْ مَرْوِيِّهِ حِينَ (قَضَى أَجَلَهُ) بِالْمَوْتِ (يَرْوِيهِ) ; أَيْ: أَنْ يَرْوِيَهُ كَمَا فَعَلَ أَبُو قِلَابَةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْجَرْمِيُّ الْبَصْرِيُّ أَحَدُ الْأَعْلَامِ مِنَ التَّابِعِينَ حَيْثُ أَوْصَى عِنْدَ مَوْتِهِ وَهُوَ بِالشَّامِ إِذْ هَرَبَ إِلَيْهَا لَمَّا أُرِيدَ لِلْقَضَاءِ بِكُتُبِهِ إِلَى تِلْمِيذِهِ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ إِنْ كَانَ حَيًّا وَإِلَّا فَلْتُحْرَقْ، وَنُفِّذَتْ وَصِيَّتُهُ وَجِيءَ بِالْكُتُبِ الْمُوصَى بِهَا مِنَ الشَّأْمِ لِأَيُّوبَ الْمُوصَى لَهُ وَهُوَ بِالْبَصْرَةِ وَأَعْطَى فِي كِرَائِهَا بِضْعَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا، ثُمَّ سَأَلَ ابْنَ سِيرِينَ: أَيَجُوزُ لَهُ التَّحْدِيثُ بِذَلِكَ؟ فَأَجَازَهُ. رَوَاهُ الْخَطِيبُ فِي (الْكِفَايَةِ) (أَوْ) حِينَ تَوَجَّهَ (لِسَفَرٍ أَرَادَهُ) إِلْحَاقًا لَهُ بِالْمَوْتِ، بَلْ عَزَى شَيْخُنَا الْجَوَازَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لِقَوْمٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْمُتَقَدِّمِينَ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ: إِنَّ الرِّوَايَةَ بِالْوَصِيَّةِ مَذْهَبُ الْأَكْثَرِينَ. وَسَبَقَهُمَا الْقَاضِي عِيَاضٌ فَقَالَ: هَذَا طَرِيقٌ قَدْ رُوِيَ فِيهِ عَنِ السَّلَفِ الْمُتَقَدِّمِ إِجَازَةُ الرِّوَايَةِ بِهِ. ثُمَّ عَلَّلَهَا بِأَنَّ فِي دَفْعِهَا لَهُ نَوْعًا مِنَ الْإِذْنِ وَشَبَهًا مِنَ الْعَرْضِ وَالْمُنَاوَلَةِ.

قَالَ: وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الضَّرْبِ الَّذِي قَبْلَهُ (وَ) لَكِنْ (رُدَّ) الْقَوْلُ بِالْجَوَازِ حَسْبَمَا جَنَحَ إِلَيْهِ الْخَطِيبُ، بَلْ نَقَلَهُ عَنْ كَافَّةِ الْعُلَمَاءِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ بِهَا وَابْتِيَاعِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ فِي عَدَمِ جَوَازِ الرِّوَايَةِ إِلَّا عَلَى سَبِيلِ الْوِجَادَةِ.

قَالَ: وَعَلَى ذَلِكَ أَدْرَكْنَا كَافَّةَ أَهْلِ الْعِلْمِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>